أحدهما أنه مطيع لحامليه تنطق به ألسنتهم.
والثاني: أنه موضح لمعانيه حتى لا يقصر عنه أفهام المجتهدين.
وقوله: ذو وجوه: يحتمل معنيين:
أحدهما: أن من ألفاظه ما يحتمل وجوها من التأويل.
والثاني: قد جمع وجوها من الأوامر والنواهي والترغيب والترهيب والتحريم.
وقوله: فاحملوه على أحسن وجوهه، يحتمل معنيين:
أحدهما: الحمل على أحسن معانيه.
والثاني: أحسن ما فيه من العزائم دون الرخص والعفو دون الانتقام.
وفيه دلالة ظاهرة على جواز الاستنباط والاجتهاد فى كتاب الله تعالى.
والنهى إنما انصرف إلى المتشابه منه لا إلى جميعه كما قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ لأن القرآن إنما نزل حجة على الخلق فلو لم يجب التفسير لم تكن الحجة بالغة.
فإذا كان كذلك لجاز لمن عرف لغات العرب وأسباب النزول أن يفسره.
وأما من لم يعرف وجوه اللغة فلا يجوز أن يفسره إلا بمقدار ما سمع، فيكون ذلك على وجه الحكاية لا على وجه التفسير، ولو أنه يعلم التفسير وأراد أن يستخرج من الآية حكما أو دليل الحكم فلا بأس. ولو قال المراد كذا من غير أن يسمع فيه شيئا فلا يحل، وهو الذي نهى عنه.
وقيل فى الحديث الأول: حمله بعض أهل العلم على أن الرأى معنى به الهوى. فمن قال فى القرآن قولا يوافق هواه فلم يأخذه عن أئمة السلف وأصاب فقد أخطأ، لحكمه على القرآن بما لا يعرف أصله ولا يقف على مذاهب أهل الأثر والنقل فيه.
وقيل فى الحديث الثاني: له معنيان:
أحدهما: من قال فى مشكل القرآن بما لا يعرف من مذاهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرّض لسخط الله تعالى.