كون المفسر فيه زيغ عن المعنى وعدول عن طريقه، وعليه بمراعاة المعنى الحقيقي والمجازى ومراعاة التأليف والغرض الذي سيق له الكلام، وأن يؤاخى بين المفردات. ويجب عليه البداءة بالعلوم اللفظية.
وأول ما يجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة فيتكلم عليها من جهة اللغة ثم التصريف ثم الاشتقاق، ثم يتكلم عليها بحسب التركيب، فيبدأ بالإعراب ثم بما يتعلق بالمعاني ثم البيان ثم البديع، ثم يبين المعنى المراد ثم الاستنباط ثم الإشارة.
وقال الزركشي فى أوائل البرهان: قد جرت عادة المفسرين أن يبدءوا بذكر سبب النزول، ووقع البحث فى أنه أيما أولى بالبداءة به لتقدم السبب على المسبب أو بالمناسبة لأنها المصححة لنظم الكلام وهى سابقة على النزول.
قال: والتحقيق. التفصيل بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول كآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها فهذا ينبغى فيه تقديم ذكر السبب لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة.
وقال فى موضع آخر: جرت عادة المفسرين ممن ذكر فضائل القرآن أن يذكرها فى أول كل سورة لما فيها من الترغيب والحثّ على حفظها.
وقال كثير من الأئمة: لا يقال كلام محكى ولا يقال حكى الله، لأن الحكاية الإتيان بمثل الشيء وليس لكلامه مثل. وتساهل قوم فطلقوا لفظ الحكاية بمعنى الإخبار، وكثيرا ما يقع فى كلامهم إطلاق الزائد على بعض الحروف.
وعلى المفسر أن يتجنب ادعاء التكرار ما أمكنه.
وقال الزركشي فى البرهان: ليكن محط نظر المفسر مراعاة نظم الكلام الذي سيق له وإن خالف أصل الوضع اللغوي لثبوت التجوّز.
وقال فى موضع آخر: على المفسر مراعاة مجازى الاستعمالات فى الألفاظ التي يظن بها الترادف والقطع بعدم الترادف ما أمكن، فإن للتركيب معنى غير معنى الإفراد، ولهذا منع كثير من الأصوليين وقوع أحد المترادفين موقع الآخر فى التركيب وإن اتفقوا على جوازه فى الإفراد.