وقال أبو حيان: كثيرا ما يشحن المفسرون تفاسيرهم عند ذكر الإعراب بعلل النحو ودلائل مسائل أصول الفقه ودلائل مسائل الفقه ودلائل أصول الدين وكل ذلك مقرر فى تأليف هذه العلوم، وإنما يؤخذ ذلك مسلما فى علم التفسير دون استدلال عليه، وكذلك أيضا ذكروا ما لا يصح من أسباب النزول وأحاديث فى الفضائل وحكايات لا تناسب وتواريخ إسرائيلية، ولا ينبغى ذكر هذا فى علم التفسير.
وعن علىّ رضى الله عنه أنه قال: لو شئت أن أوقر سبعين بعيرا من تفسير أم القرآن لفعلت.
وبيان ذلك أنه إذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يحتاج تبيين معنى الحمد وما يتعلق به الاسم الجليل الذي هو الله وما يليق به من التنزيه، ثم يحتاج إلى بيان العالم وكيفيته على جميع أنواعه وأعداده وهى ألف عالم: أربعمائة فى البرّ، وستمائة فى البحر، فيحتاج إلى بيان ذلك كله.
فإذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يحتاج إلى بيان الاسمين الجليلين وما يليق بهما من الجلال وما معناهما.
ثم يحتاج إلى بيان جميع الأسماء والصفات.
ثم يحتاج إلى بيان الحكمة فى اختصاص هذا الموضع بهذين الاسمين دون غيرهما.
فإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. يحتاج إلى بيان ذلك اليوم وما فيه من المواطن والأهوال وكيفية مستقره. فإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يحتاج إلى بيان المعبود من جلالته والعبادة وكيفيتها وصفتها وأدائها على جميع أنواعها والعابد فى صفته والاستعانة وأدائها وكيفيتها.
فإذا قال: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ، إلى آخر السورة يحتاج إلى بيان الهداية ما هى والصراط المستقيم وأضداده، وتبيين المغضوب عليهم والضالين وصفاتهم وما يتعلق بهذا النوع، وتبيين المرضىّ عنهم وصفاتهم وطريقتهم.