أحدها: إيجاز القصر، وهو أن تقصر اللفظ على معناه كقوله: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ إلى قوله: وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ جمع فى أحرف العنوان والكتاب والحاجة.
الثانى: إيجاز التقدير، وهو أن يقدر معنى زائد على المنطوق، ويسمى بالتضييق أيضا لأنه نقص من كلام ما صار لفظه أضيق من قدر معناه نحو:
فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ أى خطاياه غفرت فهى له لا عليه.
الثالث: الإيجاز الجامع، وهو أن يحتوى اللفظ على معان متعددة نحو:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ الآية، فإن العدل هو الصراط المستقيم المتوسط بين طرفى الإفراط والتفريط المومى به إلى جميع الواجبات فى الاعتقاد والأخلاق والعبودية. والإحسان هو الإخلاص فى واجبات العبودية لتفسيره
فى الحديث بقوله:«أن تعبد الله كأنك تراه»
أى تعبده مخلصا فى نيتك وواقفا فى الخضوع آخذا أهبة الحذر إلى ما لا يحصى: وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى هو الزيادة على الواجب من النوافل.
هذا في الأوامر، وأما النواهى فالبفحشاء الإشارة إلى القوة الشهوانية، وبالمنكر إلى الإفراط الحاصل من آثار الغضبية أو كل محرّم شرعا، وبالبغى إلى الاستعلاء الفائض عن الوهمية. ولهذا قيل: ما في القرآن آية أجمع للخير والشرّ من هذه الآيه.
ومن بديع الإيجاز قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إلى آخرها، فإنه نهاية التنزيه، وقد تضمنت الردّ على نحو أربعين فرقة.
وقوله: أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها دلّ بهاتين الكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للأنام من الشى؟؟؟ والشجر والحب والثمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح، لأن النار من العيدان والملح من الماء.
وأجمع المعاندون على أن طوق البشر قاصر عن الإتيان بمثل بمثل هذه الآية بعد أن فتشوا جميع كلام العرب والعجم فلم يجدوا مثلها.