للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن رجب: وهو متفق على الاحتجاج بحديثه في الصحيح، وقد استنكر أحمد ما تَفَرَّد به. (١) وقال ابن حجر في "هدي الساري": متفق على الاحتجاج به وتوثيقه. وقال في "التقريب": ثِقَةٌ له أَفْرَاد.

وحاصله: أنَّه "ثِقَةٌ، فَقِيْهٌ، له أفراد"، فلا يُحْتَجُّ به إذا تَفَرَّد، وخالف بدليل قول الإمام أحمد فيه. (٢)

٨) أبو إسحاق عَمْرو بن عبد الله بن أبي شَعِيرَة، السَّبِيعِيّ، الهَمْدَاني.

روى عن: البراء بن عازب، وزيد بن أرقم، والحارث بن عبد الله الأعور (٣)، وغيرهم.

روى عنه: الثوري، وزيد بن أبي أنيسة، وشريك، وخلق كثير.

حاله: قال أبو حاتم: ثِقَةٌ، شبيه بالزهري في كثرة الرواية، واتساع الرجال. و قال ابن معين، والعجلي، والنسائي، والعقيلي، والبيهقي، وابن حجر: ثِقَةٌ. وذكره ابن حبان في "الثقات".

وقال الإمام أحمد: أبو إسحاق رجلٌ ثِقَةٌ، صَالِحٌ، لكنَّ هؤلاء الذين حملوا عنه بآخرة.

وَوَصَفَهُ بالتدليس جماعةٌ، منهم: ابن حبان، والكرابيسيُّ، والطبريُّ، والنسائيُّ. وقال ابن عيينة: حديثه يقوم مقام الحجة ما لم يُعلَم أنه مُدلِّس. وذكره العلائي، وابن حجر في المرتبة الثالثة مِنْ مراتب المدلِّسين.

وَوَصَفَهُ بالاختلاط جماعةٌ، منهم: أحمد، وأبو حاتم، والعقيليُّ، وابن الصلاح، وابن الكيّال، وابن حجر.

وأجاب الذهبيُّ عن وَصْفِه بالاختلاط، فقال: شاخ، ونَسِيَ، ولم يختلط. وقال أيضًا: ثِقَةٌ حُجَّةٌ بلا نزاع، وقد كَبِرَ، وتَغَيَّر حفظه، ولم يختلط.

وأجاب الدكتور/عبد الجبار سعيد، على كلام الإمام الذهبي، فقال: لا مُبَرِّرَ لإنكار اختلاطه؛ لأنَّ الأئمة مَيَّزوا من روى عنه قبل وبعد الاختلاط، كأحمد وغيره، وهم أكثر معرفة وأقرب عهداً به من الذهبي. (٤)

قلت: والأمر كما قال فضيلته، ويدل على ذلك صنيع الإمام البخاري في "صحيحه"؛ فقال ابن حجر: أحد الأعلام الأثبات قبل اختلاطه، ولم أر في البخاري من الرواية عنه إلا عن القدماء من أصحابه، كالثوري، وشعبة، لا عن المتأخرين، كابن عيينة، وغيره، واحتج به الجماعة.

والحاصل: أنه "ثِقَة، إِمَامٌ، عَابِدٌ، مُدَلِّسٌ - من الثالثة - اختلط بآخرةٍ".

فلا بد أن يصرح بالسماع، إلا إذا كان الراوي عنه شعبة؛ لأنَّه كان لا يروي عنه إلا ما سمع (٥)، أو كان هو يروي عن أبي الأحوص عن ابن مسعود (٦)؛ ويُقْبل حديثه من رواية القدماء عنه، لا المتأخرين. (٧)


(١) يُنظر: "شرح علل الترمذي" (١/ ٤٥٦).
(٢) "الجرح والتعديل" ٣/ ٥٥٦، "الثقات" ٦/ ٣١٥، "التهذيب" ١٠/ ١٨، "التقريب" (٢١١٨)، "هدي الساري" (ص/٤٠٤).
(٣) وأما عن سماعه من الحارث فالراجح أنه لم يسمع منه إلا أربعة أحاديث، وسائر ذلك إنما هو كتاب أخذه وجادة، كما صرّح بذلك حفيده عيسى بن يونس، وقال: هو قال لي ذلك. وبه قال شعبة، وابن نُمير، وغيرهما. يُنظر مصادر ترجمته.
(٤) يُنظر: "اختلاط الرواة الثقات" (ص/١٣١).
(٥) قال البيهقي في "المعرفة" (٢٠٤): رُوينا عن شعبة، أنه قال: كفيتكم تدليس ثلاثة، الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة. وقال ابن حجر في "النكت" (٢/ ٦٣٠): المعروف عن شعبة أنه كان لا يحمل عن شيوخه المعروفين بالتدليس إلا ما سمعوه. وقال: فهذه قاعدة جيّدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلّت على السماع، ولو كانت معنعنة.
(٦) قال الشيخ/محمد عمرو عبد اللطيف - رحمه الله -: رواية أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود لا تعلّ بعنعنة أبي إسحاق؛ إذ أنَّ أبا إسحاق قد امتلأت ضلوعه من أحاديث أبي الأحوص عوف بن مالك، فقد صَحَّ عن أبي إسحاق، أنه سُئل: كيف كان يحدثكم أبو الأحوص؟ فقال: كان يسكبها علينا في المسجد، حدثنا عبد الله - يعني أن أبا الأحوص أغرقهم من حديث ابن مسعود -، فمثل هذا يبعد في المعتاد أن يحتاج إلى أن يدلس حديثًا عن أبي الأحوص. بتصرف من "معجم المدلسين" لمحمد بن طلعت (ص/٣٥٩).
(٧) يُنظر: "التاريخ الكبير" ٦/ ٣٤٧، "الثقات" للعجلي ٢/ ١٧٩، "الجرح والتعديل" ٦/ ٢٤٢، "الثقات" ٥/ ١٧٧، "التهذيب" ٢٢/ ١٠٢، "السير" ٥/ ٣٩٢، "الميزان" ٣/ ٢٩٠، "جامع التحصيل" (ص/١٠٨ و ١١٣ و ٢٤٥)، "المختلطين" للعلائي (ص/٩٣)، "تهذيب التهذيب" ٨/ ٦٣، "طبقات المدلسين" (ص/٤٢)، "التقريب" (٥٠٦٥)، "هدي الساري" (ص/٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>