للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١) إنَّه قد ثبت أنَّ ابن حبَّان كان من أَصْرح وأوضح مَنْ أَطْلَقَ التدليس على (رواية المعاصر عمن لم يلقه)، وهذا كافٍ لإبطال الاحتجاج بمجرد إطلاق ابن حبَّان (التدليس) على الحسن. (١)

٢) إنَّ ابن حبَّان وإن أطْلق وصف الحسن بالتدليس في كِتابَيْه: "الثقات"، و"مشاهير علماء الأمصار"، لكنه فَسَّر مراده في مقدمة كتابه "المجروحين"؛ فذكر حين عَدَّدَ أنواع الجرح: ومنهم المدلّس عمن لم يره، ثم ذكر عدة أمثلة؛ منها: رواية الحسن البصري عن أبي هريرة، مع عدم سماعه منه. وهذا قاطعٌ أنَّ ابن حبَّان حين أَطْلق وصف الحسن بالتدليس أراد به الإرسال الخفي ولا شك.

قلت: ويؤيّد ذلك أيضًا قول ابن سعد في الحسن البصري، حيث قال: كل ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فهو حجة، وما أرسل فليس بحجة. وكذلك الحاكم في "معرفة علوم الحديث" وَصَف الحسن بالتدليس، ولكنَّه قَسّم التدليس إلى ستة أقسام، ومَثَّلَ للقسم السادس منها بعدة أمثلة؛ منها قوله: فليعلم صاحب الحديث أنَّ الحسن لم يسمع من أبي هريرة، ولا من ابن عمر، ولا من ابن عباس شيئًا قط.

قال د/حاتم العوني مُعَلّقًا على كلام الحاكم بقوله: ومع قوة هذا التمثيل بأنَّ الحسن عند الحاكم داخل ضمن المدلسين؛ إلا أنَّ الأقوى من ذلك هو أنَّ الحاكم إنما اعتبره مدلّسًا لأنه (يروي مِمَّن عاصره ولم يلقه)، فلا أحسب أحدًا بعد ذلك يقول: إنَّ الحسن مردود العنعنة عند الحاكم.

وبهذا يتضح جليًا أن ابن سعد، والحاكم، وابن حبَّان حين وصفوا الحسن بالتدليس؛ إنما أرادوا به الإرسال الخفي، وهو روايته عمن عاصره ولم يسمع منه، وإلى هذا ذهب الشيخ/ محمد عمرو بن عبد اللطيف - نقلًا عن "معجم المدلسين"، وسيأتي ملخص كلامه قريبًا إن شاء الله - عز وجل -، والدكتور/ عبد الله يوسف الجديع - في "تحرير علوم الحديث" (٢) - والشيخ/ ناصر بن حمد الفهد- في "منهج المتقدمين في التدليس"-.

ب وأمَّا وصف النسائي للحَسَن بالتدليس، فيُجاب عنه - مُختصراً -، كالآتي:

١) أجاب الشيخ/محمد بن طلعت في "معجم المدلسين" عن ذلك بما ملخصه: أنَّ النسائي قد وصف جماعة من المدلسين بالتدليس المطلق، والتدليس الموصوفون به خاص في بعض الشيوخ.

فعلى سبيل المثال: حُميد الطويل، وَصَفه النسائي بالتدليس، وتدليسه خاصٌ بروايته عن أنس. وعبد الله ابن أبي نجيح وصفه النسائي أيضًا بالتدليس، وهو خاص بروايته التفسير عن مجاهد، فإنه لم يسمع التفسير منه، أما باقي حديثه عن مجاهد فسمعه منه. وغير ذلك من الأمثلة، ثم قال: وعليه فينبغي النظر في كلام باقي العلماء في الراوي الذي وصفه النسائي بالتدليس؛ فقد يكون تدليسه خاص بأحد شيوخه فقط، والله أعلم.

٢) وأجاب الدكتور/حاتم العوني، فقال: وبما أنه قد ثبت عن بعض الأئمة المتقدمين أنَّ وصفهم الحسن بالتدليس إنما هو لروايته عمن عاصره ولم يسمع منهم، وجب حمل وصف النسائي بالتدليس عليه أيضًا؛ لأن


(١) ذكر ذلك في الباب الأول من كتابه "المرسَل المخفي وعلاقته بالتدليس دراسة نظرية وتطبيقية على مرويات الحسن"، ويُنظر كذلك "معجم المدلّسين" ص/٩٦ ترجمة بشير بن المهاجر فقد نقل جُملةً لا بأس بها من كلام ابن حبَّان تدلّ على ذلك.
(٢) يُنظر: "تحرير علوم الحديث" ٢/ ٩٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>