للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجري مجرى ظرف الزمان، ومحله الرفع على أنه خبر عن قوله: "أني مغرم"؛ لأن "أن" هاهنا مع اسمها وخبرها في موضع رفع بالابتداء، والتقدير: أغرامي بك في الحق؟ يعني: كيف يكون في الحق وحبك لا هجع إلى معلوم؟ وهو معنى قوله: "وأنك لا خلّ هواك ولا خمر"، أراد: ليس بشيء يخلص ويتبين، [وقد شبه هوى من هو مغرم بها، في كونه غير ثابت ولا مستقر على حاله بماء العنب المتردد بين كونه خلًّا وبين كونه خمرًا، فلا هو خَلٌّ صرف حتى يستعمل خلًّا ولا هو خمر صرف حتى يستعمل خمرًا، فمن كان حال هواه بهذه المثابة كيف يكون غرام من أغرم به حقًّا؟] (١).

وقوله: "مغرم" بالرفع لأنه خبر أن، وقوله: "هائم" بالرفع -أيضًا- لأنه خبر بعد خبر.

[قوله: "] (٢) وأنك" الواو للحال، وإن حرف من الحروف المشبهة بالفعل، والكاف اسمه، والجملة -أعني قوله: "لا خل هواك": خبره، و"لا" بمعنى ليس، و"خل" مرفوع اسمه، و"هواك": كلام إضافي خبره (٣) , قوله: "ولا خمر": عطف على قوله: "ولا خل".

الاستشهاد فيه:

في قوله: "أفي الحق؟ " حيث صرح فيه بحرف الجر، فدل ذلك على أن أصل قولهم: أحقًّا أنك ذاهب؟: أفي الحق أنك ذاهب؟؛ إذ لو لم يكن أصله هكذا لما أبرز الشاعر كلمة: "في" في قوله: "أفي حق؟ "، ودلَّ ذلك على أنهم أجروه مجرى ظرف الزمان، وذلك لأن العرب استعملته خبرًا عن المصدر ولم تستعمله خبرًا عن الجثة؛ كما أن ظرف الزمان كذلك، فافهم (٤).

* * *


(١) و (٢) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٣) هذا الإعراب وهو خل اسم لا، وهواك خبره ليس بصحيح، وإنما خل خبر مقدم، وهواك مبتدأ مؤخر، أو خل خبر أن، وهواك مرفوع به على تأويله بالمشتق.
(٤) قال صاحب التصريح (١/ ٣٣٨): "والجاري مجرى أحدهما أي الزمان والمكان ألفاظ مسموعة توسعوا فيها فنصبوها على تضمين معنى في، كقولهم: أحقًّا أنك ذاهب، فأحقًّا منصوبة على الظرفية متعلقة بالاستقرار على أنها خبر مقدم، وأنك ذاهب في تأويل مصدر مرفوع بالابتداء عند سيبويه والجمهور على حد: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً﴾ [فصلت: ٣٩] والأصل: أفي حق ذهابك؛ فحذفت في وانتصب حقًّا على الظرفية وقد نطقوا بذلك الحرف في ........... (البيت) فصرح بفي".

<<  <  ج: ص:  >  >>