للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد الخامس والخمسون (١)، (٢)

بِنَصْرِكُمْ نَحْنُ كُنْتُمْ ظَافِرِينَ وَقَدْ … أَغْرَى العِدَا بِكُمْ اسْتِسْلَامُكُمُ فَشَلًا

أقول: بهذا -أيضًا- من البسيط.

قوله: "ظافرين" من الظفر، وهو الفوز، وقد ظفر بعدوه وظفره -أيضًا- مثل: لحق به ولحضه فهو ظَفِر، ومعنى الظَّفَر ها هنا: الاستيلاء على العدو، قوله: "أغرى": أي أشلى، من الإغراء، ومنه أغريت الكلب على الصيد وأغريت بينهم، قال تعالى: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ [المائدة: ١٤]، و "العدا" بكسر العين؛ جمع عدو، و "الاستسلام": الانقياد والطاعة، و "الفشل" بالفاء والشين المعجمة المفتوحتين؛ من فشِل بالكسر إذا جبن، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ﴾ (٣) [آل عمران: ١٥٢].

الإعراب:

قوله: "بنصركم" الباء تتعلق بقوله: كنتم، والنصر: مصدر مضاف إلى مفعوله، و "نحن" فاعله، والتقدير: كنتم ظافرين على العدا بنصرنا إياكم، و "كان": ناقصة واسمها هو الضمير المتصل بها، وخبرها هو قوله: "ظافرين"، قوله: "وقد أغرى … إلخ": جملة فعلية وقعت حالًا، و "أغرى": فعل ماض، وفاعله هو قوله: "استسلامكم"، قوله: "العدا" مفعوله، والباء في: "بكم" تتعلق بأغرى، وهو بمعنى على؛ كما في قوله تعالى: ﴿مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ﴾ [آل عمران: ٧٥] أي: على قنطار، والتقدير: كنتم ظافرين على العدا بنصرنا إياكم في حالة إغراء استسلامكم أعداءكم عليكم، قوله: "فشلًا" نصب على التعليل؛ أي: لأجل الفشل، أي لأجل فشلكم وخوفكم، وهو معلل للاستسلام؛ لأن الاستسلام هو الانقياد والخضوع، وذلك لا يكون إلا من الفشل والخوف.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "بنصركم نحن" حيث جاء الضمير فيه منفصلًا لعدم تأتي الاتصال، وقد علم أن المواضع التي يتعين فيها الانفصال لعدم تأتي الاتصال اثنا عشر موضعًا (٤) منها: أن ترفع بمصدر


(١) توضيح المقاصد (١/ ١٣٩).
(٢) البيت من بحر البسيط، وهو مجهول القائل، ينظر همع الهوامع للسيوطي (١/ ٦٣)، وفرائد القلائد في مختصر شرح الشواهد للعيني (٣٠)، والدرر (١/ ٣٩)، وشرح التسهيل لابن مالك (١/ ١٤٩).
(٣) تمام الآية: ﴿فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ١٥٢].
(٤) المواضع التي يتعين فيها الانفصال لعدم تأتي الاتصال اثنا عشر موضعًا هي: أن يكون الضمير محصورًا بإلا، أو إنما، أو يرفع بمصدر مضاف إلى المنصوب، أو يرفع بصفة جرت على غير صاحبها مطلقًا عند البصريين، وبشرط أمن اللبس =

<<  <  ج: ص:  >  >>