للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكشف معنى الجملة الأولى، فتكون من الصفات الكاشفة، قوله: "ولكن أبتكر" أصله: ولكني أبتكر.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "نهر" فإنه استغنى بهذا الوزن عن ياء النسب، لأنه يستغنى عن ياء النسب بفَعِل بمعنى: صاحب؛ كما يقال: رجل طَعِم؛ أي: ذو طعام، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦] أي: بذي ظلم (١).

الشاهد الثامن عشر بعد المائتين والألف (٢)، (٣)

أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعان … أَمَلَّ عليها بالبِلَى المَلَوَانِ

أقول: قائله هو تميم بن مقبل (٤) شاعر مجيد فائق، ونسبه ابن هشام إلى خلف الأحمر (٥)، وهو غير صحيح، وبعده (٦):

٢ - أَلَا يَا دِيَارَ الحَيِّ لَا هَجْرَ بَيْنَنَا … ولَكِنَّ رَوْعَاتٌ مِنَ الحدثَانِ

٣ - نَهَارٌ ولَيلٌ دَائِبٌ مَلَوَاهُمَا … عَلَى كُلِّ حَالِ النَّاسِ مُخْتَلِفَانِ

وهي من الطويل، وعروضه محذوفة لكونه مصرعًا.

قوله: "بالسبعان" بفتح السين المهملة وضم الباء الموحدة، وهو اسم موضع، قوله "أملَّ" من أمللت الكتاب، قال الجوهري: أمليت الكتاب أملي وأمللته أمله، جيدتان جاء بهما القرآن الكريم (٧)، و"البِلَى" بكسر الباء الموحدة، مصدر بلي الثوب إذا خلق، و "الملوان": الليل والنهار.


(١) ينظر الكتاب (٣/ ٢٨٤)، والتصريح بمضمون التوضيح (٢/ ٣٣٧)، والأشموني (٤/ ٢٠١).
(٢) أوضح المسالك وبحاشيته مصباح السالك (٤/ ٣٣١).
(٣) البيت من بحر الطويل، مطلع قصيدة لمتمم بن مقبل، يورد فيها قصة النجاشي في الفخر، انظر ديوان ابن مقبل (٣٣٥)، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (٤/ ٢٥٩)، وشرح أبيات سيبويه (٢/ ٤٢٢)، والتصريح (٢/ ٣٢٩)، ونسب لابن أحمر في شرح الأشموني بحاشية الصبان (٤/ ٣٠٩)، والخزانة (٧/ ٣٠٢).
(٤) هو تميم بن مقبل، من الشعراء المخضرمين الذين عاشوا في الجاهلية والإسلام، وكان شاعرًا مطبوعًا، عمر طويلًا، (ت ٣٧ هـ).
(٥) الذي في أوضح المسالك دون نسبة.
(٦) البيت لابن مقبل في ديوانه (٣٣٥) تحقيق: د. عزة حسين، دمشق (١٩٩٢ م)، وانظر الخزانة (٧/ ٣٠٤).
(٧) قال اللَّه تعالى: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وقال: ﴿فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، وقال أيضًا: ﴿فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفرتان: ٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>