للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخريت، والمفعول وهو الضمير المنصوب الذي يرجع إلى الموماة، وليس هذا بإضمار قبل الذكر؛ لأن التقدير: يهال منها الخريت إذا تيممها؛ أي: قصدها، وجواب إذا محذوف دل عليه صدر الكلام فافهم، قوله: "ذو الجلد": كلام إضافي بالرفع صفة للخريت.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "كم دون مية موماة" حيث فصل بين "كم" وبين مميزه المجرور بالظرف وهو قوله: "دون مية"، وكان الواجب هاهنا نصب المميز حملًا لكم الخبرية على كم الاستفهامية، وهذا شاذ كما ذكرناه (١).

الشاهد الحادي والثمانون بعد المائة والألف (٢)، (٣)

عِدِ النَّفْسَ نُعْمَى بَعْدَ بُؤْسَاكَ ذاكِرًا … كذَا وكَذَا لُطْفًا به نُسِيَ الجَهْدُ

أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.

قوله: "نعمى" بضم النون؛ النعمة، وقال الأصمعي: تقول: له عليَّ نعمى ونعماء ونعمة، و"بؤسَى" بضم الباء الموحدة؛ الشدة مثلُ البأساء، و "الجهد" بفتح الجيم؛ الطاقة، وبالضم؛ المشقة، وقيل: لا فرق بينهما، والأول أصح، و "نسي": من النسيان الذي هو ضد التذكر، ويجوز أن يكون بمعنى الترك.

الإعراب:

قوله: "عد": أمر من وعد يعد؛ جملة من الفعل والفاعل، و "النفس" بالنصب مفعوله، وقوله: "نعمى": مفعول ثان بنزع الخافض تقديره: بنعمى، وقوله: "بعد" نصب على الظرف، و "بؤساك": كلام إضافي مجرور بالإضافة، قوله: "ذاكرًا": حال من الضمير الذي في عد.


(١) البيت مثال للفصل بالظرف بين "كم" وبين معمولها في الشعر، وهي مسألة قال أبو حيان إن فيها مذاهب: "أحدها: ما ذهب إليه الكوفيون من أنه يجوز ذلك في الكلام لأن الخفض عندهم هو على إضمار "من". المذهب الثاني: أنه لا يجوز إلا في الشعر وهو مذهب جمهور البصريين، سواء أكان الظرف أو المجرور تامًّا أم ناقصًا. المذهب الثالث: أنه يجوز في الشعر إذا كان الظرف أو المجرور ناقصًا ولا يجوز إذا كان تامًّا وهو مذهب يونس وهو باطل؛ لأن العرب لم تفرق بين الظرف التام والناقص في الفصل بل تجريهما مجرى واحدًا، قال الشاعر ........ وقال الآخر: (البيت) فصل بالظرف التام بين "كم" و "موماة" "ودون" ظرف تام". التذييل والتكميل (٤/ ٣٦٩ - ٣٧١) مختصر.
(٢) توضيح المقاصد (٤/ ٣٣٧).
(٣) البيت من بحر الطويل، مجهول القائل وهو في المغني (١٨٨)، والهمع (١/ ٢٥٦)، والدرر (٤/ ٥٤)، وشرح الأشموني (٤/ ٨٦)، وشرح شواهد المغني (٥١٤)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>