للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد الثاني والخمسون بعد المائتين (١)، (٢)

كادتِ النفسُ أَن تفيظَ عليه … إذْ غَدا حَشْو رَيَطْةٍ وَبُرُودٍ

أقول: هذا البيت أيضًا من الخفيف.

قوله: "أن تفيظ" بالظاء المعجمة، يقال: فاظ الميت بالظاء، وفاضت نفسه بالضاد قاله الزجاجي، وفاظت نفسه بالظاء جائز عند الجميع إلا الأصمعي فإنه لا يجمع بين الظاء والنفس؛ بل يقول: فاظ الرجل بالظاء، وفاضت نفسه بالضاد.

وقال ابن بري: الَّذي يجوِّز فاظت نفسه بالظاء يحتج بقول الشاعر:

كادت النفس أن تفيظ عليه … ................................

وقد مر التحقيق في هذه المادة فيما مضى عند قوله (٣):

يداك يد خيرها يرتجى … ................................

قوله: "عليه" أي: على فلان الميت؛ لأن الشاعر يرثي بها رجلًا قد مات؛ ألا ترى كيف يقول: "إذ غدا حشو ريطة وبرود" بمعنى: صار حشو الكفن، والكفن يكون من الريطة والبرود.

و"الريطة" بفتح الراء وسكون الياءآخر الحروف وفتح الطاء المهملة؛ وهي الملاءة إذا كانت قطعة واحدة، ولم تكن قطعتين (٤) والجمع: ريط ورياط، "والبرود" بضم الباء الموحدة؛ جمع بُرْد من الثياب ويجمع على أبراد أيضًا.

الإعراب:

قوله: "النفس" مرفوعة؛ لأنه اسم كادت، وقوله: "أن تفيظ": خبره، و "عليه": يتعلق بتفيظ، قوله: "إذ": ظرف بمعنى حين، والعامل فيه تفيظ، و"غدا": جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر فيه الَّذي يرجع إلى ما يرجع إليه الضمير الَّذي في عليه، وقوله: "حشو ريطة": كلام إضافي مفعول لقوله "غدا". قوله: "وبرود" عطف على ريطة؛ أي: وحشو برود.


(١) أوضح المسالك لابن هشام (١/ ٣١٥)، شرح ابن عقيل على الألفية (١/ ٣٣٠).
(٢) البيت من بحر الخفيف، وهو في الرثاء، لقائل مجهول ولم يشر العيني لذلك، وانظره في الخزانة (٩/ ٣٤٨)، وشرح شواهد المغني (٩٤٨)، والمغني (٦٦٢)، واللسان: (نفس)، (فيظ).
(٣) ينظر الشاهد رقم (١٨٣).
(٤) في (ب): لفقتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>