للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لدلالة خبر المعطوف عليه؛ لأنه بلفظه ولو كان بغير لفظه لم يكن بد من ذكره، ولما كانت "أنّ" بعد أفعال القلوب مُعَرَّضَةً للكسر بدخول اللام في خبرها، كانت لهذا الوجه في حكم المكسورة، ولذلك لا يجوز أن يقال: سرني أنك لقائم بالاتفاق (١).

الاستشهاد فيه:

على العطف على محل اسم "أنّ" بعد مضي الخبر تقديرًا، ونقل عن سيبويه -رحمه الله تعالى- جواز العطف على محل اسم إن في باب علمت، واستدل على ذلك بالبيت المذكور فإنَّه عطف أنتم على محل اسم أن المفتوحة، وأجيب عن ذلك بأنه ليس بحجة؛ لأنه يلزم أن يكون عطفًا قبل مضي الخبر وهو ممتنع عند سيبويه.

بل يحتمل أن لا يكون معطوفًا عليه عطف المفرد على المفرد باعتبار شركتهما في عامل واحد؛ بل باعتبار عطف الجملة بأن يكون خبر أن هو قوله: "في شقاق" كما قررناه؛ فالعطف باعتبار الجملة لا باعتبار التشريك، والعطف باعتبار الجمل جائز في الجميع. فافهم (٢).

الشاهد الرابع والثمانون بعد المائتين (٣) , (٤)

خَلِيليَّ هَلْ طِبٌّ فإنِّي وأَنْتُمَا … وإنْ لَم تَبُوحَا بالْهَوَى دَنِفَانِ

أقول: هذا أنشده ثعلب ولم يعزه إلى قائله.

وهو من الطَّويل.

قوله: "طب" مثلث الطاء، قوله: "لم تبوحا" من باح بسره إذا أظهره، قوله: "بالهوى"


(١) قال الرضي بعد أن ذكر البيت: "بتقدير حذف الخبر من الأول والتقدير: أنا بغاة وأنتم بغاة، فلولا أن المفتوحة بعد فعل القلب في حكم المكسورة لما صح الاستدلال المذكور". ينظر شرح الرضي على الكافية (٤/ ٣٥١، ٣٥٢) بتعليق يوسف حسن عمر. جامعة قاريونس.
(٢) تشترك إن وأن ولكن في حكم المعطوف قبل الخبر أو بعد الخبر؛ فإذا جاء معطوف قبل خبر (أن) وجب نصبه هذا عند الجمهور، وأجاز بعضهم رفع المعطوف على معنى الابتداء إذا تقدم (أنّ) علم أو فيما معناه؛ كقوله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: ٣١] أي: ورسوله بريء، وصريح العلم كبيت الشاهد، وتقديره عند سيبويه: فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك بحذف خبر أنتم أو عطف أنتم على محل اسم أن فمحله الرفع، أو خبر أن هو المحذوف وبغاة الظاهر خبر أنتم، الكتاب لسيبويه (٢/ ١٥٦)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٥٠، ٥١)، وابن يعيش (٨/ ٦٩، ٧٠)، وتوضيح المقاصد (١/ ٣٤٨، ٣٤٩).
(٣) ابن الناظم (٦٨)، وأوضح المسالك لابن هشام (١/ ٣٦٢).
(٤) البيت من بحر الطَّويل، وهو لقائل مجهول، وله عدة مراجع، وانظره في تخليص الشواهد (٣٧٤)، والتصريح (١/ ٢٢٩)، وشرح شواهد المغني (٨٦٦)، والمغني (٤٧٥)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>