للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نواصيهم فاجمعوها لنا واحملوا الأسرى معهم وإلا فإنا متعادون أبدًا.

و"البغاة": جمع باغ وهو الظالم؛ لأنه بغى الظلم أي طلبه، و"الشقاق" بكسر الشين وهو العداوة؛ لأن كلًّا من المتعاديين يجيء على ما يشق على الآخر، أو يكون من الشق بالكسر، وهو الجانب؛ لأن كلًّا منهما في شق غير شق الآخر، ومن هنا اشتق التعادي؛ لأن كلًّا منهما في عدوة.

الإعراب:

قوله: "وإلا" أصله: وإن لا؛ أي: وإن لم تجزوا نواصيهم وتطلقوا أسراهم؛ فأبدلت النُّون لامًا وأدغمت اللام في اللام فصار: إلَّا، قوله: "فاعلموا": جواب إن؛ فلهذا دخلت فيه الفاء، قوله: "أنَّا" مع اسمه وخبرِه سد مسد مفعولي اعلموا، واسم أن هو الضمير المتصل به، وخبره قوله: "بغاة".

قوله: "وأنتم": عطف على قوله: "أنّا"، وأن هذه وإن كنت مفتوحة الهمزة ولكنها مكسورة في الحقيقة، وإنما فتحت لفظًا إشعارًا بأنها في موضع المفعول لفظًا.

وقال بعض المتأخرين: تقديره: أنا بغاة وأنتم كذلك فحذف خبر أنتم (١) واعْتَرَضَ قوله: "وأنتم" بين اسم إن وخبرها. قيل: فيه نظر؛ لأنه ليس المراد أنا بغاة بل المراد أنتم بغاة فحينئذ يتعين أن لا يكون بغاة خبر أن؛ بل خبره قوله: "في شقاق"؛ إذ لا ينسبون البغي إلى أنفسهم بل إلى الخاطبين خاصة، فحينئذ يكون التقدير: اعلموا أنا في الشقاق معكم (٢) ما بقينا وأنتم بغاة.

قلتُ: وهذا النظر إنما يتوجه إذا كان البغاة من البغي بمعنى الظلم والعدوان، وأما إذا كان من البغي الذي بمعنى الطلب فلا يلزم المحذور المذكور؛ فحينئذ يكون بغاة خبر أنا، وأنتم عطف على أنا كما ذكرنا.

فإن قلتَ: إذا كان الأمر كذلك فما يقع قوله: "في شقاق"؟

قلتُ: يقع خبرًا بعد خبر فيكون التقدير: أنا وأنتم بغاة؛ يعني: طالبون الشقاق والعداوة ما بقينا، وكلمة ما مصدرية ظرفية، والتقدير: ما دام بقاؤنا.

وقال بعض شارحي الكافية [لابن الحاجب] (٣): إن بغاة خبر أنتم، وخبر أنا محذوف


(١) ينظر قضايا الخلاف النحوية والصرفية في كتاب شفاء العليل للسلسيلي، رسالة دكتوراه بالأزهر (٢٦٠) وما بعدها.
(٢) في (أ): شقاق معًا.
(٣) ما بين المعقوفين سقط في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>