للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزيد وأما الفاعل فهو قوله: "هم" الذي في آخر البيت، وأما المفعول فهو قوله: "هم" الذي في "يزيدهم"، و "حبًّا" مفعول ثان، وقال ابن مالك: الأصل يزيدون أنفسهم، ثم صار يزيدونهم، ثم فصل ضمير الفعل للضرورة، وأُخِّر عن ضمير المفعول به (١).

وقال ابن هشام: وحاصله على ذلك ظنه أن الضميرين لمسمى واحد، وليس كذلك؛ فإن مراده أنه ما يصاحب قومًا فيذكر قومه لهم إلا ويزيد هؤلاء القوم قومه حبًّا إليه؛ لما يسمعه من ثنائهم عليهم (٢).

الاستشهاد فيه:

في فصل الضمير المرفوع لأجل الضرورة؛ لأن القياس أن يقال: ألا يزيدونهم حبًّا إليَّ. وقال الخطيب التبريزي: ارتفع "هم" الأخير بـ"يزيد" ووقع المنفصل موضع المتصل لأن الوجه أن يقال: إلا يزيدونهم حبًّا إليَّ، وهذا كما يوضع الظاهر موضع المضمر، والمضمر موضع الظاهر.

وزعم [بعض] (٣) من فسر الضرورة بما ليس للشاعر عنه مندوحة، أن هذا ليس بضرورة لتمكن الشاعر أن يقول: ألا يزيدونهم حبًّا إليَّ هم، ويكون الضمير المنفصل توكيدًا للفاعل (٤).

ورَدَّه ابن مالك بأنه يقتضي كون الفاعل والمفعول ضميرين متصلين لمسمى واحد، وإنما يجوز في باب ظن، نحو قوله تعالى: ﴿أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ [العلق: ٧] وهذا سهو؛ لأن مسمى الضميرين مختلفان؛ إذ ضمير الفاعل راجع لقوم، وضمير المفعول لقومه الممدوحين (٥) فافهم.

الشاهد الخمسون (٦)، (٧)

بِالبَاعِثِ الوَارِثِ الأَمْوَاتِ قَدْ ضَمِنَتْ … إِيَّاهُمُ الأرْضُ في دَهْرِ الدَّهَارِيرِ

أقول: قيل: قائله أمية بن أبي الصلت ولا يوجد في ديوانه، والأكثرون على أنه للفرزدق،


(١) قال ابن مالك: "فـ (هم) الأخير فاعل (يزيد)، وظن بعضهم أن هذا جائز في الشعر؛ لأن قائله لو قال: يزيدونهم لصلح فيجعل المتصل وهو الواو فاعلًا، والمنفصل توكيدًا. وهذا وهم، لأن لك ضميرين متصلين لمسمى واحد، أحدهما فاعل والآخر مفعول، وذلك لا يكون في غير فعل قلبي". ينظر شرح التسهيل لابن مالك (١/ ١٥٦).
(٢) ينظر المغني (١٤٦) والنص فيه كاملًا.
(٣) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٤) ينظر الضرائر الشعرية لابن عصفور (٢٦٠)، وشرح التصريح (١/ ١٠٧).
(٥) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (١/ ١٥٦).
(٦) ابن الناظم (٢٤)، وتوضيح المقاصد (١/ ١٣٧)، وأوضح المسالك (١/ ٦٦)، وشرح ابن عقيل (١/ ١٠١).
(٧) البيت من بحر البسيط، وقد اختلف في قائله على ما ذكره الشارح، فتارة يقال: هو للفرزدق وصححه الشارح، وهو موجود في ديوانه (١٩٠)، وروايته: =

<<  <  ج: ص:  >  >>