كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية

شواهد التمييز - الشاهد السادس والأربعون بعد الخمسمائة - ج: 3 - ص: 1191

قوله: "اشتعلَا" بالعين المهملة؛ من اشتعال النار وهو اضطرامها، يقال: اشتعل الرأس شيبًا، وهذا تشبيه الشيب بشواظ النار في بياضه وإنارته وانتشاره في الشعر وفشوه فيه وأخذه منه كل مأخذ باشتعال النار، ثم هو أخرج مخرج الاستعارة؛ ألا ترى أنَّه أسند الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته، وهو الرأس ثم أخرج الشيب مميزًا.

الإعراب:

قوله: "ضيعت": جملة من الفعل والفاعل، و"حزمي": كلام إضافي مفعوله، قوله: "في إبعادي": يتعلق بضيعت، و"الإبعاد": مصدر مضاف إلى فاعله، و"الأملا " مفعوله، قوله: "وما ارعويت": جملة من الفعل والفاعل عطف على ضيعت، قوله: "وشيبًا" تمييز على ما نذكره الآن، قوله: "رأسي" كلام إضافي مبتدأ، و"اشتعل": خبره، والألف فيه للإطلاق.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "وشيبًا" حيث قدم وهو تمييز على عامله، واحتج به الكسائي والمازني والمبرد على جواز تقديم التمييز على عامله، ووافقهم ابن مالك على ذلك في غير الألفية، ونص في الألفية على قلة هذا (١).

الشاهد السادس والأربعون بعد الخمسمائة (٢)، (٣)

أَنَفْسًا تَطِيبُ بِنَيْلِ المُنَى … وَدَاعِي المَنُونِ يُنَادي جهَارًا

أقول: هو المتقارب.

و"المنى" بضم الميم؛ جمع منية، و"المنون" بفتح الميم؛ المنية؛ لأنها تقطع المدد وتنقص العدد، قال الفراء: المنون مؤنثة وتكون واحدة وجمعًا (٤).

---

(١) انظر نص ابن مالك بالموافقة في التعليق المذكور في آخر الهامش من الشاهد رقم (٥٤١)، وأما نصه في الألفية على قلة فهو قوله:
وعامل التمييز قدم مطلقًا … والفعل ذو التصريف نزرًا سبقا
وينظر شرح الأشموني وحاشية الصبان (١/ ٢٠٢)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٣٨٩) وما بعدها.
(٢) توضيح المقاصد (٢/ ١٨٦)، وأوضح المسالك (٥/ ١١٢).
(٣) البيت من بحر المتقارب، وليست له قصيدة ولا قائل معين، ولم يشر العيني إلى أنَّه مجهول القائل، وهو في شرح التصريح (١/ ٤٠٠)، وشرح عمدة الحافظ (٤٧٧)، والمغني (٤٦٣)، وشرح شواهد المغني (٨٦٢).
(٤) قال الجوهري: قال الفراء: والمنون مؤنثة وتكون واحلة وجمعًا، الصحاح مادة: "منن".