للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو ذكره مع هذه المتصلة العائدة على ضغمة لقال: لضغمهماها (١) إياي وإياها، ولو أتى بضمير الضغمة منفصلًا على الوجه الأحسن لقال: لضغمهما إياي إياها، وكان إياي يتقدم لوجهين:

أحدهما: لأنه ضمير الخاطب، وهو أولى بالتقديم من الضمير الغائب.

والوجه الآخر: أن إياي ضمير المفعول به، وإياها ضمير المصدر، فهي فضلة مستغنى عنها بما هو آكد منها، وكان الأصل: لضغمهما إياي، مثلها أي مثل تلك الضغمة، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، فكان ينبغي أن يأتي بالضمير المنصوب المنفصل، وحذفُ المفعول مع المصدر إذا كان معه الفاعل كثير؛ كما قد يحذف معه الفاعل - أيضًا - (٢).

الشاهد السادس والستون (٣)، (٤)

لوجهِكَ في الإحْسَانِ بَسْطٌ وَبَهْجَةٌ … أَنَا لهُمَاهُ قَفْوًا أكْرَم وَالِدِ

أقول: هذا لم أقف على اسم قائله.

وهو من الطويل.

قوله: "في الإحسان" أي وقت الإحسان، قوله: "بسط" أي: بشاشة وترك تعبّس، قوله: "وبهجة" أي: حسن وسرور؛ وذلك لأن الكريم يَسُوُّهُ إحسانه إلى العفاة، قوله: "أنا لهما" من أنال ينيل إنالةً، وثلاثيه: نال إذا بلغ ووصل، قوله: "قفو" بالقاف بعدها الفاء، من قفوت أثره قفوًا وقفوًّا إذا أتبعته، يعني: اتباع أكرم الوالدين، أراد كرام الآباء والأسلاف.

وحاصل المعنى: وجهك منبسط ومبتهج في وقت الإحسان إلى الناس، وقد حصل لك ذلك من اتباع آثار آبائك الكرام وأسلافك الكرماء.

الإعراب:

قوله: "بسط" مبتدأ، و "بهجة" عطف عليه، وخبره قوله: "لوجهك"، وقوله: "في الإحسان" يتعلق بقوله: بسط. والمضاف إليه محذوف كما ذكرنا، قوله: "أنالهما" جملة من الفعل والفاعل وهو أنال، والمفعولين أحدهما هو قوله: "هما" اللذان يرجعان إلى البسط


(١) في (أ): لضغمهما.
(٢) غير موجود بالإيضاح لأبي علي بشرح المقتصد، وينظر الخزانة (٢/ ٤١٩)، والكتاب لسيبويه (٢/ ٣٦٥).
(٣) ابن الناظم (٢٥)، وتوضيح المقاصد (١/ ١٥٠)، وأوضح المسالك (١/ ٧٥).
(٤) البيت من بحر الطويل، وهو مجهول القائل، وانظره في شرح التصريح (١/ ١٠٩)، وهمع الهوامع للسيوطي (١/ ٦٣)، والدرر (١/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>