للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت الذي قبله، قوله: "فتبدي" جملة أخرى مثلها عطف عليها، ورواه أبو علي في العسكريات بالواو.

قوله: "مما بها" في محل النصب على أنه مفعول فتبدي، و "ما" موصولة، وصدر صلتها محذوف تقديره: الذي هو بها، وكلمة من في صبابة للبيان، قوله: "وأخفي "جملة من الفعل والفاعل وهو أنا المستتر فيه عطف على ما قبله.

قوله: "الذي" مع صلته في محل النصب على أنه مفعول أخفي، قوله: "لولا" لربط امتناع الثانية بوجود الأولى، وقوله: "لقضاني" جواب لولا أي لولا الأسى موجودة لقضى عليّ الموت، وفاعل قضى محذوف.

الاستشهاد فيه:

حيث حذف منه حرف الجر وجعل مجروره مفعولًا، وقد حمل الأخفش على ذلك قوله تعالى: ﴿لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] أي على سر أي نكاح، وكذلك: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الأعراف: ١٦] (١)، وبهذا استدل الجمهور على أن على تكون حرفًا خلافًا لقوم ذهبوا إلى أنها لا تكون إلا اسمًا (٢).

وقد يقال: إن قوله: "لقضاني" قد يكون مضمنًا معنى قتل أو أهلك فيتعدى حينئذ بنفسه، ولا يكون على إسقاط على فلا يكون فيه استشهاد. فافهم.

الشاهد الخامس والعشرون بعد الأربعمائة (٣)، (٤)

وَمَا زُرْتُ لَيْلَى أَنْ تَكُونَ حَبِيبَةً … إلَيَّ وَلَا دَيْنٍ بِهَا أَنا طَالِبُهْ

أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من قصيدة من الطويل يمدح بها المطلب بن عبد الله المخزومي،


(١) قال ابن هشام بعد أن ذكر البيت: "أي لقضي علي فحذف علي وجعل مجرورها مفعولًا، وقد حمل الأخفش على ذلك: ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: ٢٣٥] أي على سر، أي نكاح، وكذلك: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الأعراف: ١٦] أي على صراطك، ينظر المغني (١٤٢، ٥٧٧) وقال ابن مالك في شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ١٤٨)، "وأجاز على بن سليمان الأخفش أن يحكم باطراد حذف حرف الجر والنصب فيما لبس فيه كقول الشاعر: "وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني".
(٢) قال الزجاجي: "على لها ثلاثة مواضع تكون اسمًا وفعلًا وحرفًا ..... والحرف قولك: على زيد مالٍ". معاني الحرف للزجاجي (٢٣) وقال الرماني في حديثه عن: "على" وإذا كانت حرفًا كانت من الحروف العوامل وعملها الجر". معاني الحروف للرماني (١٠٨)، وقال ابن هشام: "على على وجهين: أحدهما أن تكون حرفًا وخالف في ذلك جماعة فزعموا أنها لا تكون إلا اسمًا ونسبوه لسيبويه"، المغني (١٥٢).
(٣) ابن الناظم (٩٧).
(٤) البيت من بحر الطويل، من قصيدة للفرزدق في مدح عبد الملك بن عبد الله المخزومي، انظر الديوان (١/ ٨٤) =

<<  <  ج: ص:  >  >>