للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنهم اختلفوا في نحو: قام قام زيد، فقال بعضهم: زيد فاعل بهما؛ لأنهما بلفظ واحد ومعنى واحد فكأنهما عامل واحد، وقال بعضهم: بالأول فقط، وأما الثاني فإنه لا يحتاج (١) إلى فاعل؛ لأنه لم يؤت به للإسناد وإنما أتي به لمجرد التأكيد.

وقال بعضهم: فاعل بأحدهما، وفاعل الآخر ضمير على أنهما تنازعاه فأعمل أحدهما وأضمر الآخر (٢)، والأصح القول الثاني، ودعوى التنازع بالبيت المذكور باطلة لما قلنا.

فإن قلت: إذا كان الثاني تأكيدًا كما ذكرت فما العامل في اللاحقوك؟ هل الأول المؤكَّد أم الثاني المؤكِّد؟

قلت: جوز بعضهم أن يكون العاملان معًا عملًا فيه عملًا واحدًا، ولا يلزم فيه اجتماع عاملين على معمول واحد، من حيث أن الثاني لما كان تأكيدًا للأول جريا مجرى الشيء الواحد فكان الثاني هو الأول وليس غيره.

وقال بعضهم: إن العامل هو الأول، والثاني ينزل منزلة حرف التأكيد؛ كاللام في قولنا: لزيد منطلق وغيره. فافهم والله تعالى أعلم.

الشاهد الحادي والثلاثون بعد الأربعمائة (٣)، (٤)

بِعُكَاظَ يُعْشِي النَّاظِرِيـ … ـنَ إذَا هُمُ لَمَحُوا شُعَاعُهْ

أقول: قائلته هي عاتكة بنت عبد المطلب عمة النبي ، اختلف في إسلامها؛ فقال ابن إسحاق وجماعة من العلماء -رحمهم الله تعالى: لم يُسْلِمْ من عمات النبي غير صفية، وقيل: إنها أسلمت وكانت تحت أبي أمية بن المغيرة المخزومي أبي أم سلمة، فولدت عبد الله، أسلم وله صحبة، وزهيرًا، وقرينة الكبرى.


= اللاحقون، أو أتوك أتاك اللاحقون". شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ١٦٥)، وينظر شرح التسهيل للمرادي (١/ ٥٨٧)، تحقيق د: أحمد محمد عبد الله يوسف.
(١) في (ب): لا يحتاجان.
(٢) قال الصبان: "وأجاز ابن أبي الربيع في نحو: قام قام زيد أن يكون زيد فاعلًا بالثانى وأضمر في الأول، وأن يكون فاعلًا بالأول، والثاني توكيد لا فاعل له" (٢/ ٩٨).
(٣) توضيح المقاصد (٢/ ٦٦)، وأوضح المسالك (٢/ ٢٧)، وشرح ابن عقيل (٢/ ١٦٥).
(٤) البيت من بحر الكامل المجزوء، وهو من مقطوعة لعاتكة بنت عبد المطلب في الفخر على عادة قصائد الجاهلية، وانظر مراجع الشاهد في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (٧٤٣)، والمغني (٦١١)، والمقرب (١/ ٢٥١)، وهمع الهوامع للسيوطي (٢/ ١٠٩)، وحاشية الصبان (٢/ ١٠٦)، والدرر (٥/ ٣١٥)، والتصريح (١/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>