للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "من الأرض" يتعلق بمحذوف؛ قاله أبو علي (١)، ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال من غارها، والعامل فيه محذوف، ويجوز أن يكون حالًا مما في دونه الذي هو خبر كم، ويكون متعلقًا بمحذوف؛ قاله أبو الحجاج، وتقديره: معترض أو كائن دونه حاضرًا من الأرض، والعامل في "حاضر" الذي هو حال الخبر الذي هو كائن ونحوه مما يتعلق به الظرف الذي هو دونه، قوله: "غارها" مرفوع بمحدودبًا.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "وكم دونه من الأرض محدودبًا" حيث فصل بين كم ومميزها وهو قوله: "محدودبًا" بالظرف وهو قوله: "دونه" والمجرور وهو قوله: "من الأرض"، وفي مثل هذه الصورة يجوز نصب المميز ويجوز بقاء جره، والمختار نصبه في مثل هذا (٢).

الشاهد الرابع والسبعون بعد المائة والألف (٣)، (٤)

كمْ فيِ بَنِي بكرِ بنِ سعْدٍ سيِّدٍ … ضَخْمِ الدَّسيعَةِ مَاجِدٍ نَفَّاعٍ

أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من الكامل.

قوله: "ضخم الدسيعة" أي: العطية، يقال: فلان ضخم الدسيعة، أي: عطم العطية، وهي بفتح الدال وكسر السين المهملتين بعدها ياء آخر الحروف ساكنة وعين مهملة، قوله: "ماجد": من مجد إذا شرف، و "نفاع": مبالغة نافع.


(١) الإيضاح للفارسي بشرح المقتصد (٧٤٣).
(٢) قال الأنباري: "إذا فصل بين كم الخبرية وتمييزها فهل يبقى التمييز مجرورًا؟ ذهب الكوفيون إلى أنه إذا فصل بين كم في الخبر وبين الاسم بالظرف وحرف الجر كان مخفوضًا نحو: كم عندك رجلٍ، وكم في الدار غلامٍ، وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز فيه الجر ويجب أن يكون منصوبًا ..... ". الإنصاف (٣٠٣ - ٣٠٩)، وقال الفارسي: "وقد تجعل كم في الخبر بمنزلة عشرين فينصب ما بعدها، ويختار ذلك إذا وقع الفصل بين المضاف والمضاف إليه، وذلك كقوله (البيت) اعلم أنهم يقولون في الخبر: كم في الدار رجلًا، فينصبون تنكبًا للفصل بين الجار والمجرور؛ إذ لو قالوا: كم في الدار رجل كان قولك: في الدار فاصلًا بين الجار الذي هو "كم" وبين المجرور الذي هو: "رجل"، فقوله: وكم دونه من الأرض محدودبًا غارها، الأصل كم محدودب غارها من الأرض، ثم لما أوقع قوله: "دونه" بعد كم نصب فقال: محدودبًا؛ إذ لو جر لكان قوله: دونه من الأرض، فاصلًا بين كم ومحدودب المجرور به". الإيضاح ومعه المقتصد (٧٤٢، ٧٤٣)، وينظر ابن يعيش (٤/ ١٣١).
(٣) ابن الناظم (٢٩١).
(٤) البيت من بحر الكامل، وهو في المدح وليس للفرزدق كما ذكر الشارح فقد فتشنا في ديوانه على اختلاف طبعاته ولم نجده فيه، وانظره في الكتاب (٢/ ١٦٨)، والمقتضب (٣/ ٦٢)، واللمع (٢٢٩)، وابن يعيش (٤/ ١٣٠، ١٣٢)، والإنصاف (٣٠٤)، والخزانة (٦/ ٤٧٦)، والأشموني (٤/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>