للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد الثامن والتسعون بعد الستمائة (١)، (٢)

نَرَى أسْهُمًا للْمَوْتِ تُصْمِي وَلَا تُنْمِي … ولا نَرْعَوي عِنْ نَقْضِ أَهْواؤُنَا العَزْمِ

أقول: أنشده ثعلب ولم يعزه إلى أحد، وهو من الطويل.

قوله: "أسهمًا": جمع سهم، قوله: "تصمي": من الإصماء؛ من أصميت الصيد إذا رميته فقتلته بحيث تراه، قوله: "ولا تنمي": من الإنماء؛ من أنميت الصيد إذا رميته فغاب عنك، ثم مات.

والحاصل: أن سهام الموت عمالة لا يفوت عنها الحاضر والغائب، قوله: "ولا نرعوي": من الارعواء وهو الكف، يقال: ارعوى عن القبيح إذا كف عنه وكذا رعى عنه، و "العزم": من عزمت على الأمر إذا أردت فعله وقطعت عليه.

الإعراب:

قوله: "نرى": من رؤية البصر، و "أسهمًا": مفعوله، و"للموت": يتعلق بمحذوف تقديره: أسهمًا كائنة للموت، قوله: "تصمي": جملة من الفعل والفاعل في محل النصب على أنها صفة لأسهمًا، ويجوز أن يكون مفعولًا ثانيًا لنرى إذا جعلناها من رؤية القلب، قوله: "ولا تنمي" عطف على قوله: "تصمي"، ويجوز عطف المنفي على المثبت وبالعكس.

قوله: "ولا نرعوي": جملة وقعت حالًا، وقوله: "عن نقض": يتعلق بها، وقوله: "نقض": مصدر مضاف إلى قوله: "العزم"، وقوله: "أهواؤنا": مرفوع لأنه فاعل المصدر.

وفيه الاستشهاد: حيث فصل به بين المضاف وهو قوله: "نقض" وبين المضاف إليه وهو: "العزم" مع أن الفاعل متعلق بالمضاف، وهو ضعيف، والتقدير: عن نقض العزم أهواؤنا، أي: عن أن تنقص أهواؤنا العزم (٣).


(١) توضيح المقاصد (٢/ ٢٩٢).
(٢) البيت من بحر الطويل، وهو مطلع قصيدة للتصريع فيه، لشاعر مجهول، يذكر أن الموت يصيبنا دائمًا، ومع ذلك لا نكف عن اللهو واتباع الهوى، وهو في شرح الأشموني بحاشية الصبان (٢/ ٢٧٩)، والارتشاف (٢/ ٥٣٤).
(٣) هو شاهد على الفصل بين المضاف والمضاف إليه بفاعل المضاف وهو مما اختص بالضرورات، ينظر الأشموني بحاشية الصبان (٢/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>