للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد السابع والخمسون بعد المائتين (١) , (٢)

أَبَيتُمْ قُبُولَ السِّلْمِ مِنَّا فَكِدْتُمو … لَدَى الحربِ أَنْ تُغْنوا السُّيوفَ عن السَّلِّ

أقول: لم أر أحدًا عزاه إلى قائله.

وهو من الطَّويل.

قوله: "أبيتم": من الإباء وهو شدة الامتناع، "والسلم" بكسر السين وفتحها وسكون اللام وهو الصلح، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٦١] وهو يذكر ويؤنث، قوله: "لدى الحرب" أي: عندها. قوله: "أن تغنوا" من قولهم: ما يغني عنك هذا؛ أي: ما يجزي عنك وما ينفعك.

وحاصل المعنى: إنَّا عرضنا عليكم الصلح فلم تقبلوه فلما التقينا جبنتم وعجزتم عن مقاومتنا حتَّى كدتم تغنوننا عن سل السيوف لعدم احتفالنا بكم.

الإعراب:

قوله: "أبيتم": جملة من الفعل والفاعل، و"قبول السلم": كلام إضافي مفعولها، قوله: "فكدتمو" بكسر الكاف، من كاد يكاد، قال الجوهري: كاد يفعل كذا يكاد كودًا ومكادةً؛ أي: قارب (٣)، وحكى سيبويه: كدت أفعل -بضم الكاف، وحكى أبو الخَطَّاب: كيد زيد يفعل (٤)؛ كذا، يريد كاد، فنقلوا الكسرة إلى الكاف في الفعل كانقلوا في فعلت، وتاء الخاطبة اسم كاد، وخبره قوله: "أن تغنوا"، وقوله: "السيوف": مفعول تغنوا و"عن السل": يتعلق به، وقوله: "لدى الحرب": كلام إضافي معترض منصوب على الظرفية.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "أن تغنوا"؛ حيث جاء مقرونًا بأن وهو خبر كاد، والغالب أن يكون خبره فعلًا مضارعًا مجردًا من أن كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: ٧١] و ﴿لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ [الكهف: ٩٣] و ﴿كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ﴾ [التوبة: ١١٧] و ﴿لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ


(١) ابن الناظم (٦٠).
(٢) البيت من بحر الطَّويل غير منسوب لأحد، وهو في تخليص الشواهد (٣٣٠)، وشرح الأشموني (١/ ٢٦١).
(٣) الصحاح للجوهري مادة: (كود).
(٤) انظر الكتاب (٣/ ١١)، يقول: كدت أفعل ذاك، وكدتَ تفرغ فكدت فعلت وفعلت، وينظر الصحاح للجوهري مادة: (كيد)، وابن يعيش (٧/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>