للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفة، فإن الحال يتقدم على ذي الحال والصفة لا تتقدم على الموصوف وهذا من جملة الفروق بينها وبين الصفة.

قيل: والحق أن هذه الحال ليست حالًا عن النكرة؛ بل هي حال من الضمير في الخبر والضمير معرفة؛ لأن العامل في الحال هو العامل في صاحبها، والعامل في صاحبها هو الابتداء والحال فضلة، والابتداء لا يعمل في الفضلات، اللَّهم إلا أن يقال: العامل في الحال لا يجب أن يكون هو العامل في صاحبها بدليل (١) [قوله تعالى]: ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا﴾ [البقرة: ٩١]، فإن العامل في الحال غير العامل في صاحبها.

قلت: هذا مشكل؛ لأن المضمر لا يعمل، والابتداء -أيضًا- لا يعمل في الفضلات (٢).

الشاهد الثالث بعد الخمسمائة (٣) , (٤)

تَقُولُ ابنَتِي إنَّ انْطِلَاقَكَ وَاحِدًا … إلى الرَّوْعِ يَوْمًا تَارِكِي لا أَبَا لِيَا

أقول: قائله هو مالك بن الريب بن حوط بن قوظ بن حِسْل بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، قتل بخراسان مع سعيد بن عثمان نائب معاوية على خراسان (٥).

وهو من قصيدة من الطويل، وأولها هو قوله (٦):

١ - ألَا لَيتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيلَةً … بِجَنْبِ الغَضَى أُزْجِي القِلاصَ النَّوَاجِيَا


(١) ما بين المعقوفين زيادة لإيضاح الآية.
(٢) ينظر الكتاب لسيبويه (٢/ ١٢٣، ١٢٤)، وشرح التصريح (١/ ٣٧٥).
(٣) ابن الناظم (١٢٩)، وشرح ابن عقيل (٢/ ٢٦٧).
(٤) البيت من بحر الطويل من قصيدة لمالك بن الريب التميمي يرثي نفسه (إسلامي، وقد غزا في سبيل الله وقُتل بخرسان) وقد ذكر العيني عشرة أبيات منها أولها، وقد سجلها كلها صاحب الخزانة (٥٨ بيتًا) ولا بأس بذلك ففيها أبيات تجري مجرى الأمثال، وصاحبها في رثائه لنفسه، يشير إلى قصائد الصعاليك الذين كانوا يفعلون ذلك لشجاعتهم وخوضهم المجهول، ومما قاله هذا البيت وهو مشهور:
تذكرت من يبكي علي فلم أجد … سوى السيف والرمح الرديني باكيًا
وانظر بيت الشاهد في الأشموني بحاشية الصبان (٢/ ١٧٩)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٣٤٢)، وشرح شواهد شرح ابن عقيل للجرجاني (١٣٥)، والعجيب أن بيت الشاهد مغير عما في القصيدة، فهو في القصيدة هكذا:
تَقُولُ ابنَتِي لما رأت طول رحلتي … سفارك هذا تَارِكِي لا أَبَا لِيَا
ولا شاهد فيه على تلك الرواية التي هي الأصل.
(٥) انظر ذلك كالتفصيل في الخزانة (٢/ ٢١٠).
(٦) انظر القصيدة في الخزانة (٣/ ٢٠٢)، وشرح شواهد المغني (٦٣١)، والأمالي (٣/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>