للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "يبتغي": فعل مضارع، وفاعله مستتر فيه، و"أرنبًا": مفعوله، وهذه الجملة -أَيضًا- صفة أخرى، وإنما خص الأرنب؛ لأنهم كانوا يعلقون كعبًا كالمعاذة، يزعمون أن من علقه لم تضره عين ولا سحر؛ لأن الجن تمتطي الثعالب والظباء والقنافذ، وتجتنب الأرانب لمكان الحيض.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "مرسعة" فإنَّها نكرة وقعت مبتدأ؛ لأن النكرة إذا لم [يرد] (١) بها معين ساغ الابتداء بها؛ لأنه لا يريد مرسعة دون مرسعة، بخلاف: رجل قائم، فافهم (٢).

الشاهد السبعون بعد المائة (٣) , (٤)

كَمْ عَمَّةٌ لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالةٌ … فَدْعَاءُ قَدْ حَلَبَتْ عَلَيَّ عِشَارِي

أقول: قائله هو الفرزدق يهجو به جريرًا من قصيدة، أولها هو قوله:

١ - قَبَّحَ الإِلَهُ بَنِي كُلَيب إنَّهُمْ … لا يَغْدِرُونَ ولا يَفُونَ لجارِ

٢ - يَسْتَيقِظُونَ إِلَى نُهَاقِ حَمِيرِهِمْ … وَتَنَامُ أَعْيُنُهُمْ عَنِ الأَوْتَارِ

٣ - مُتَبَرْقِعِي لؤمٍ كَأَن وُجُوهَهُمْ … طُلِيَتْ حَوَاجِبُهَا عَنِيّةَ قَارِ

٤ - وَلَقَدْ ضَلَلْتُ أَباكَ يَطْلُبُ دَارِمًا … كَضَلالي مُلْتَمِسٍ طريق وَبَارِ

٥ - كَالسَّامِرِيِّ يَقُولُ إِن حَرَّكْته … دَعْنِي فَلَيسَ عَلَيَّ غَيرِ إِزَارِي

٦ - كم عمة ............... … ................ إلخ

٧ - شَغَّارَة تقذ الفَصِيلَ بِرِجْلِهَا … فَطَّارَةٌ لِقَوَادِمِ الأَبْكَارِ

٨ - وَرِجَالكُمْ ميل إِذَا حمُسَ الوَغَى … وَنِسَاؤُكُمْ يَحْلِبْنَ للأَصْهَارِ

٩ - كَمْ مِنْ أَبٍ لَكَ يَا جَرِيرُ كَأَنَّهُ … قَمَرُ المجرَّةِ أَوْ سِرَاجُ نَهَارِ


(١) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٢) يقصد بذلك: أن من مواضع الابتداء بالنكرة: قصد الإبهام إذا لم يقصد المتكلم البيان أو التعليل أو نقل الشيوع، والإبهام هو مقصد من مقاصد البلغاء، والبيت لا يريد به مرسعة دون مرسعة؛ ولذا كان إبهامًا. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (١/ ٢٩٣).
(٣) شرح ابن عقيل (١/ ٢٢٦).
(٤) البيت من بحر الكامل، وهو من قصيدة طويلة للفرزدق يهجو بها جريرًا, ولما كان الهجاء فاحشًا فقد حذفها محققو الديوان في الطبعات الحديثة، وتوجد أبيات منها في الخزانة (٦/ ٤٨٥)، وانظره في الدرر (٤/ ٤٥)، وشرح التصريح (٢/ ٢٨٠)، وشرح شواهد المغني (١/ ٥١١)، وشرح عمدة الحافظ (٥٣٦)، وابن يعيش (٤/ ١٣٣)، واللسان مادة: "عشر"، والكتاب لسيبويه (٢/ ٧٢)، وهمع الهوامع للسيوطي (١/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>