للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "كل حين": كلام إضافي، "وكل": نصب على الظرف وهو معمول الخبر، فلما تقدم معمول الخبر الذي هو كل حين لم يبطل عمل ما؛ لأن معمول الخبر إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا لا يبطل به العمل (١).

والاستشهاد فيه:

حيث عملت "ما" عمل "ليس"، وإن كان تقدم معموله على اسمها لكونه ظرفًا (٢).

الشاهد الثالث والعشرون بعد المائتين (٣)، (٤)

تَعَزَّ فَلَا شَيءٌ عَلَى الأَرْضِ بَاقِيًا … وَلَا وَزَرٌ مما قَضَى اللهُ وَاقِيًا

أقول: هذا البيت -أيضًا- من الطويل.

وقوله: "تعز": أمر من تعزى يتعزى؛ من العزاء وهو الصبر، والتسلي، قوله: "ولا وزر" بفتح الواو والزاي المعجمة وفي آخره راء؛ وهو الملجأ، وأصل الوزر الجبل، قوله: "واقيًا" [من] (٥) وقى يقي وقاية إذا حفظ.

والمعنى: اصبر وتسلّ على ما أصابك من المصيبة، فإنه لا يبقى شيء على وجه الأرض، ولا ملجأ يقي الشخص ويحفظه مما قضى الله رب العالمين.

الإعراب:

قوله: "تعز": أمر وأنت مستكن فيه فاعله، قوله: "فلا شيء على الأرض باقيًا": جواب الأمر، وكلمة "لا" بمعنى ليس، "وشيء": اسمه، "وباقيًا": خبره، "وعلى الأرض": يتعلق به، قوله: "ولا وزر": عطف على قوله: "فلا شيء" أي: ليس وزر، "ووزر ": اسم لا، وخبره قوله: "واقيًا"، وقوله: "مما قضى الله" يتعلق به، و "ما": موصولة، و "قضى الله": جملة صلتها، والعائد


(١) اشترط النحاة لعمل (ما) عمل ليس ألا يليها معمول الخبر ما لم يكن ظرفًا أو جارًا ومجرورًا، فإن كان كذلك جاز إعمالها كقولك: ما عندك زيد مقيمًا، ومثله بيت الشاهد. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (١/ ٣٧٠)، وتوضيح المقاصد (١/ ٣١٤)، والتصريح (١/ ١٩٨).
(٢) أجاز النحويون عمل (ما) في مثل هذا الموضع؛ لأن الظرف والجار والمجرور يجوز فيهما ما لا يجوز في غيرهما.
(٣) ابن الناظم (٥٨)، وتوضيح المقاصد للمرادي (١/ ٣١٨)، وأوضح المسالك لابن هشام (١/ ٢٨٦)، وشرح ابن عقيل على الألفية (١/ ٣١٣).
(٤) البيت من بحر الطويل لقائل مجهول، ولم ينسبه العيني، وهو في تخليص الشواهد (٢٩٤)، والدرر (٢/ ١١١)، والمغني (١/ ٢٣٩)، وشرح التسهيل لابن مالك (١/ ٣٧٦).
(٥) ما بين المعقوفين سقط في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>