للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.......... … ....... وتَارَاتٍ يَجِمّ فَيَغْرَقُ

وقد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد الابتداء، وفي شواهد عطف النسق -أَيضًا- (١).

والاستشهاد فيه ها هنا:

في قوله: "يحسر الماء" حيث حذف منه إن؛ إذ أصله: إن يحسر الماء، فلما حذف ارتفع الفعل، وإنما قدروا (إن) فيه محذوفة، وأن تقديره: وإنسان عيني إن يحسر الماء تارة فيبدو؛ لأن قوله: "وإنسان عيني" مبتدأ، و"يحسر الماء تارة": جملة في موضع الخبر، ولا رابط فيه لهذه الجملة بالمبتدأ، فلما عدم الرابط ذهب من ذهب إلى أن أصلها جملة شرطية؛ لأنه لا يشترط في الشرط إذا وقع خبرًا أن يكون الرابط في جملة الشرط؛ بل قد يكون في جملة الجزاء نحو: زيد إن تقم هند يغضب.

وقال أبو حيان (٢): ولا ضرورة إلى تكلف إضمار أداة الشرط؛ لأن في الروابط ما تقع الجملة خالية عن الرابط فيعطف عليها بالفاء وحدها من بين سائر حروف العطف جملة فيها رابط فيكتفي به لانتظام الجملتين من حيث العطف بالفاء في نظم جملة واحدة.

ومن هذا القبيل بيت ذي الرمة على أنَّه يحتمل أن يخرّج على تخريجين آخرين:

أحدهما: أن تكون الألف واللام أغنت عن الرابط وقامت مقام الضمير على مذهب من يرى ذلك؛ فيكون المعنى: وإنسان عيني يحسر ماؤه تارة فيبدو، ولا يريد بالماء مطلق الماء ولا عموم الماء، وإنما يريد ماء إنسان عينه.

والثاني: أن يكون الضمير محذوفًا لدلالة المعنى عليه، أي: يحسر الماء عنه تارة فيبدو.

الشاهد السادس والثلاثون بعد المائة والألف (٣) , (٤)

فأقسمُ لو أَبْدَى النَّديّ سوادهُ … لَمَا مسحَتْ تلكَ المُسالاتِ عامرُ

أقول: أنشده الجوهري وغيره ولم يعزه إلى قائله، وهو من الطَّويل، وفي رواية الجوهري هكذا (٥):


(١) ينظر الشاهد رقم (١٨٦، ٨٩٦).
(٢) التذييل والتكميل، الجزء الخامس / باب عوامل الجزم (مخطوط).
(٣) توضيح المقاصد (٤/ ٢٦٣).
(٤) البيت من بحر الطَّويل، ولم يوقف على قائله ولا على قصيدته، وانظره في شرح الأشموني (٣/ ٢٨)، واللسان: "سيل"، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (٣٧٦).
(٥) الصحاح مادة: (سيل).

<<  <  ج: ص:  >  >>