للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإضافة نحو: جاءني غلام هند كريمة إلا في ثلاثة مواضع:

أحدها: أن يكون المضاف عاملًا في الحال [مجرورًا] (١) مثل أن يكون فيه معنى الفعل كقولك: اعتكافي صائمًا، وصومي ذاكرًا، وصلاتي خاشعًا، قال الله تعالى: ﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا﴾ [المائدة: ٤٨]، ومنه البيت المذكور.

والثاني: أن يكون المضاف جزء ما أضيف إليه؛ كقوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا﴾ [الحجر: ٤٧].

الثالث: أن يكون كجزئه نحو: ﴿فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [آل عمران: ٩٥] (٢).

الشاهد الرابع بعد الخمسمائة (٣) , (٤)

لَهِنَّكَ سَمْحٌ ذَا يَسَارٍ ومُعْدمًا … كَمَا قَدْ أَلِفْتَ الحِلْمَ مَرْضي ومُغْضَبَا

أقول: استشهد به أبو علي، وأبو الفتح وغيرهما، ولم أر أحدًا منهم عزاه إلى قائله (٥)، وهو من الطويل.

قوله: "لهنك" أصله: لإنك فأبدلوا الهاء من همزة أن، قال الشاعر، وهو (٦) محمد


(١) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٢) قال في شرح التسهيل: "وحق المجرور بالإضافة ألا يكون صاحب حال كما لا يكون صاحب خبر؛ لأنه مكمل للمضاف، وواقع منه موقع التنوين، فإن كان المضاف بمعنى الفعل، حسن جعل المضاف صاحب حال نحو: عرفت قيام زيد مسرعًا، وهو راكب الفرس عاريًا، وإلى هذين المثالين ونحوهما أشرت بقولي: ولا يضاف غير عامل الحال إلى صاحبه، فعلم أن إضافة عامل الحال إلى صاحب الحال جائزة، وأن إضافة ما ليس عاملًا في الحال إلى صاحبها غير جائزة إلا ما استثني" ثم سرد المسائل الثلاث التي سردها الشارح، وقال: "وإنما حسن جعل الذي أضيف إليه جزؤه أو كجزئه صاحب حال؛ لأنه قد يستغنى به عن المضاف؛ ألا ترى أنه لو قيل في الكلام: نزعنا ما فيهم من غل إخوانًا، واتبع إبراهيم حنيفًا لحسن، بخلاف الذي يضاف إليه ما ليس بمعنى الفعل وما ليس جزءًا ولا كجزء، فإنه لا سبيل إلى جعله صاحب حال لو وقلت: فربت غلام هند جالسة، أو نحو ذلك لم يجز بلا خلاف". شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٣٤٢)، وينظر شرح ابن عقيل على الألفية (٢/ ٢٦٦ - ٢٦٩)، وابن الناظم (٣٢٥ - ٣٢٧)، وشرح الأشموني (٢/ ١٧٨، ١٧٩).
(٣) ابن الناظم (١٣٠).
(٤) البيت من بحر الطويل، غير منسوب فيما ورد من مراجع، وانظره في المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (٤٢، ٤٣)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٣٤٣)، والجنى الداني (١٢٩)، والخصائص (١/ ٣١٥)، وسر صناعة الإعراب (٣٧١، ٥٥٢)، وابن يعيش (٨/ ٦٣)، (٩/ ٢٥)، وفي لسان العرب وجدناه منسوبًا لمحمد بن سلمة مادة: "لهن"، وفي الخزانة نسب لرجل من نمير (١٠/ ٣٣٨).
(٥) البيت في سر الصناعة منسوبًا لمحمد بن سلمة في (٣٧١، ٣٥٢)، وقيل: هو الراوي، وليس القائل.
(٦) هو أبو جعفر محمد بن سلمة اليشكري، عالم بالأنساب من بيت كريم في الكوفة، رحل إلى البادية، وأخذ عن أهلها، وأخذ عنه ابن السكيت (ت ٢٣٠ هـ)، الأعلام (٨/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>