للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد الثالث والثلاثون بعد المائتين (١)، (٢)

أَبْنَاؤُهَا مُتَكَنّفُونَ أَبَاهُمُ … حَنِقُوا الصُّدُورَ وَمَا هُمُ أَوْلَادَهَا

أقول: هذا أنشده أبو علي ولم يعزه إلى قائله (٣)، وقبله:

وأنا النذير بِحَرَّةٍ مسودة … تصل الجيوش إليكم أقوادها (٤)

وهما من الكامل وفيه الإضمار.

١ - قوله: "النذير": من الإنذار وهو الإعلام، والنذير هو المعلم الَّذي يخوف القوم بما يكون دهمهم من عدو أو غيره، وهو المخوف أيضًا، وكذلك النذر، قوله: "بحرة" بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء، وهي أرض ذات حجارة سود، ولكن المراد به هاهنا: الكتيبة المسودة بكثرة حديدها، قوله: "تصل الجيوش إليكم" وفي رواية أبي علي: تصل الأعم إليكم، والأعم: الكلأ الكثير وكذلك العميم، و"الأقواد": جمع قود -بفتح القاف والواو؛ وهي الجماعة من الخيل.

٢ - قوله: "أبناؤها" أي: أبناء الكتيبة وأراد رجالها، وأراد بآبائهم رؤساءَهم قوله: "متكنفون" يريد قد صاروا حوله على أكنافه، يعني: قد أَحْدَقُوا برأس الكتيبة فجعله لهم بمنزلة الأب؛ إذ كان يقوم بأمورهم ويأمر فيهم وينهى.

قوله: "حنقوا الصدور" أصله: حنقون؛ جمع حَنِق -بفتح الحاء وكسر النون وهو صفة مشبهة من الحَنَق -بفتحتين وهو الغيظُ.

قوله: "وما هم أولادها" أي: ليسوا بأولاد الكتيبة على الحقيقة؛ يعني؛ لم تلدهم الكتيبة وإنما هم أبناؤهم على مجاز قول العرب: "بنو فلان بنو الحرب" ومن ذلك قول أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - لبعض مَنْ خَاطَبَهُ: "أَوَ تُعَيِّرُنِي قُرَيشٌ بقِلَّةِ العلم بالحرب وأنا ابنُها؛ لقد نَهَضْتُ فيها وما بلغتُ العشرينَ، وَهَا أنا ابنُ ستين، ولكن لا رأي لمن لا يطاع"، والعرب تقول: أنا ابنُ بجدة الأرضِ، إذا كان عالمًا بها.

الإعراب:

قوله: "أبناؤها": مرفوع بالابتداء، وقوله: "متكنفون أباهم": خبره، و"متكنفون": جملة من


(١) شرح ابن عقيل على الألفية (١/ ٣٠٢).
(٢) البيت من بحر الكامل لم ينسب إلى قائل، وهو في الأشباه والنظائر (٣/ ١٢٣)، والمعجم المفصل (١٩١).
(٣) بحثت عنه في كتب أبي علي الميسرة فلم أجده.
(٤) روايته في (أ): أقوادها.

<<  <  ج: ص:  >  >>