للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "تجلدت": من التجلد وهو تكلف الجلادة، قوله: "لم يعر" من قولهم: عراني هذا الأمر إذا غشيه، واعتراه همه؛ ومنه العرواء وهي الرعدة.

قوله: "من الوجد" وهو شدة الاشتياق، المعنى: أظهرت الجلادة في الصبر عنها وأضمرت محبتها في باطني حتى اعتقدوا أني سلوت عنها، وقالوا: لم يبق في قلبه شيء من وجدها، فأنكر عليهم ذلك بقوله: "قلت بل أعظم الوجد"، أي: بل عرا قلبي أعظم الوجد.

الإعراب:

قوله: "تجلدت": جملة من الفعل والفاعل، و "حتى": للغاية بمعنى إلى، والمعنى: إلى أن قيل، قوله: "لم يعر" فعل مجزوم بلم، وأصله: يعرو، من عرا يعرو، و "قلبه" بالنصب مفعوله، وقوله: "شيء" بالرفع فاعله، وقوله: "من الوجد": يتعلق بقوله: "لم يعر"، والجملة: مقول القول، قوله: "قلت": فعل وفاعل، وقوله: "بل أعظم الوجد": مقول القول، و "بل". للإضراب، و "أعظم الوجد": كلام إضافي مرفوع بفعل محذوف تقديره: بل عراه أعظم الوجد.

الاستشهاد فيه:

حيث حذف منه الفعل الرافع (١).

الشاهد التاسع والسبعون بعد الثلاثمائة (٢)، (٣)

لِيُبْكِ يَزِيدُ ضَارِعٌ لخصُومَةٍ … ومُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوائِحُ

أقول: قائله هو نهشل بن حري بن ضمرة بن جابر النهشلي (٤)، قال أبو عبيدة: حري كأنه


(١) قد يحذف عامل الفاعل، وهذا الحذف يجوز إذا دل عليه دليل؛ كأن تقول: من قرأ؟، فتقول: زيد، والتقدير: قرأ زيد، فحذف الفعل لدلالة ما قبله في السؤال عليه، وقد يكون التقدير: زيد القاريء وهو الأظهر، لأن الأول مطابقة الجواب للسؤال. ينظر ابن يعيش (١/ ٨١)، وتوضيح المقاصد (٢/ ٨)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ١١٨).
(٢) ابن الناظم (٨٥)، وأوضح المسالك (٢/ ٩٣).
(٣) البيت من بحر الطويل، وهو في الرثاء، وقد اختلف في قائله على ما قيل في الشرح إلى أكثر من أربعة شعراء، قال صاحب الخزانة (١/ ٣١٣): والصواب أنه لنهشل بن حري كما في شرح أبيات الكتاب لابن خلف، وكذا في شرح أبيات الإيضاح. انتهى، وهو من قصيدة يرثي بها الشاعر أخاه يزيد، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (١/ ٢٨٨)، والخزانة (١/ ٣٠٣)، وشرح شواهد الإيضاح (٩٤)، وابن يعيش (١/ ٨٠)، والإنصاف (١٨٧)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ١١٩).
(٤) نهشل بن حري شاعر شريف من المخضرمين بقي إلى أيام معاوية، وكان مع علي في حروبه، وقُتل أخوه يوم صفين، وانظر الخزانة (١/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>