للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "إن": حرف من الحروف المشبهة بالفعل، وقوله: "المنايا": اسمه، وخبره الجملة أعني قوله: "لا تطيش سهامها" وسهامها: مرفوع بتطيش.

الاستشهاد فيه:

على أن لام القسم أو الابتداء في قوله: "لتأتين منيتي" علقت "علمت" عن العمل؛ أي منعته من الاتصال بما بعده والعمل في لفظه؛ لأن ما له صدر الكلام لا يصح أن يعمل ما قبله فيما بعده.

فإن قلت: ما الفرق بين الإلغاء والتعليق؟ فإن المفعولين في كل واحد من الموضعين يرجع إلى أصله وهو الرفع؟

قلت: كل واحد منهما متصل معناه بالجملة، لكن الملغيّ لا عمل له فيها لا لفظًا ولا تقديرًا، وهو منزل معها منزلة حرف مهمل، والمعلق عامل فيها معنًى فهو معها بمنزلة المبني، حقه أن يظهر فيه عمله لولا المانع في المعمول (١).

الشاهد الخمسون بعد الثلاثمائة (٢) , (٣)

وَمَا كُنْتُ أَدْرِي قَبلَ عَزَّةَ مَا الهَوَى … وَلَا مُوجِعَاتِ القَلْبِ حَتى تَوَلَّتِ

أقول: قائله هو كثير بن عبد الرحمن، وقد ترجمناه فيما مضى، وهو من قصيدة تائية من


(١) من موانع إعمال ظن وأخواتها في معموليها: التعليق وهو إبطال العمل لفظًا لا محلًّا لمجيء ما له صدر الكلام، والمعلقات عن العمل إما: لام الابتداء، أو لام القسم، أو الاستفهام بالاسم أو بالفعل أو بالحرف، وكذا النفي بأنواعه، مثال لام الابتداء نحو: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾، ومثال لام القسم كقول لبيد (البيت) فاللام في لتأتين لام القسم، وتسمى: لام جواب القسم، والقسم وجوابه في محل نصب، ويقول المرادي: "وفي هذه الجمل المصدرة بلام الابتداء والقسم أو بما النافية أو بلا أو بإن وفي خبرها اللام خلاف، مذهب سيبويه والبصريين وابن كيسان أنها في موضع نصب وهو الصحيح، وقال الكوفيون: أضمر بين الظن وبين هذه الحروف القسم، فعلى قولهم: لا يكون لهذه الجمل موضع من الإعراب". شرح التسهيل للمرادي (١/ ٤٨٨). وقال ابن مالك: "والجملة بعد الفعل المعلق في موضع نصب بإسقاط حرف الجر إن تعدى به، وفي موضع مفعوله إن تعدى لواحد، وسادة مسد مفعوليه إن تعدى إلى اثنين، وبدل من المتوسط بينه وبينها إن تعدى إلى واحد، وفي موضع الثاني إن تعدى إلى اثنين ووجد الأول، مثال الكائنة في موضع نصب بإسقاط حرف الجر: ﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا﴾، ومثال الكائنة في موضع مفعول به ما يتعدى إلى مفعول واحد: أما تُرى أيّ برقٍ هاهنا، ومثال السادة مسد مفعولي ما يتعدى إلى اثنين: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى﴾، ومثال الواقعة بدلًا من المتوسط بينها وبين المتعدي إلى واحد: عرفت زيدًا أبو من هو ومثال الكائنة في موضع ثاني مفعولي ما يتعدى إلى اثنين: علمت زيدًا أبو من هو". شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٩٢)، وينظر شرح الرضي على الكافية (٤/ ١٦٦، ١٦٧)، وشرح التصريح بمضمون التوضيح (١/ ٢٥٥)، وينظر معه حاشية يس، وشرح الأشموني وحاشية الصبان (٢/ ٣٠)، وإعراب الجمل وأشباه الجمل لقباوة (١٧٨، ١٧٩).
(٢) أوضح المسالك (٢/ ٦٤).
(٣) البيت من بحر الطويل، من قصيدة مختارة في الغزل لكثير عزة، ديوانه (٥٤) وما بعدها بشرح مجيد طراد، و (٩٥) =

<<  <  ج: ص:  >  >>