للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو من قصيدة لامية ذكرناها في أول شواهد الكلام (١).

قوله: "دويهية" تصغير داهية، وهي الأمر العظيم، ودواهي الدهر: ما يصيب الناس من عطيم نوبه.

الإعراب:

قوله: "وكل أناس": كلام إضافي مبتدأ، وقوله: "سوف تدخل بينهم" خبره، وقوله: "دويهية": فاعل تدخل، قوله: "تصفر منها الأنامل": جملة من الفعل والفاعل في محل الرفع على أنها صفة لدويهية.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "دويهية" فإن الكوفيين احتجوا بها على أن التصغير قد يأتي للتعظيم، فإن دويهية [تصغير] (٢) داهية، والمراد بها الموت، والمعنى: دويهية عظيمة، وأجيب عن هذا بأن الداهية وإن كانت عظيمة في نفسها ولكنها سريعة الوصول؛ فبالنظر إلى هذا المعنى صغر الداهية إشارة إلى تقليل المدة وتحقيرها، وفيه نظر لا يخفى (٣).

الشاهد الثالث عشر بعد المائتين والألف (٤)، (٥)

صُبَيَّةً على الدُّخَانِ رُمْكًا … ما إنْ عَدَا أَصْغَرُهُمْ أَنْ زَكَّا

أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج الراجز.

قوله: "ومكًا" بضم الراء المهملة وسكون الميم؛ جمع أرمك من الرمكة وهي لون كلون الرماد، وصف رؤبة بهذا صبيةً صغارًا قد اغبروا وتشعثوا لشدة الزمان وكلب الشتاء والبرد، قوله: "أن زكا" ويروى: قد زكا، ويقال: زك زكيكًا إذا دب، وقال ابن دريد: يقال: زك يزك


(١) ينظر الشاهد رقم (١) من هذا البحث.
(٢) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٣) ينظر شرح الشافية (١/ ١٩١)، وقال الأشموني (٤/ ١٥٧): "وزاد الكوفيون معنى خامسًا وهو التعظيم كقول عمر بن الخطاب في ابن مسعود: "كنيف ملئ علمًا" وقول بعض العرب: أنا جُذَيْلُهَا المحكك وعُذّيْقُهَا المرجّب، وقوله (البيت) … ورد البصريون ذلك بالتأويل إلى تصغير التحقير".
(٤) توضيح المقاصد (٥/ ٩٦).
(٥) بيتان من بحر الرجز المشطور، قالهما رؤبة من أرجوزة طويلة يعتذر فيها إلى مولاه ويلوم حساده، مطلعها:
كيف إذا مولاك لم يصلكا … وقطع الأرحام قطعًا بتكًا
وانظر بيت الشاهد في الكتاب (٣/ ٤٨٦)، والمقتضب (٢/ ٢١٢)، واللسان؛ "غلم"، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (١٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>