للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما "كلتا" فقد قال سيبويه: إن ألفها للتأنيث، والتاء بدل من لام الفعل وهي واو، والأصل: كِلوا، وإنما أبدلت تاء؛ لأنَّ في التاء علم التأنيث، وقد تصير هذه الألف تاءً مع المضمر فيخرج عن علم التأنيث فصار في إبدال الواو تاء تأكيد للتأنيث (١).

وقال الجرمي: التاء ملحقة والألف لام الفعل، وتقديرها عنده: فعتل، وليس الأمر كذلك؛ إذ لو كان كذلك لقالوا في النسبة إليها كلتوي، فلما قالوا: كلوي وأسقطوا التاء دل [على] (٢) أنهم أجروها مُجْرَى التاء التي في أخت إذا نَسَبتَ إليها قلت: أخوي (٣).

الشاهد السادس والعشرون (٤)، (٥)

تلاعب الريح بالعصرين قسطله … والوابلون وتهتان التجاويد

أقول: قائله هو أبو صخر (٦) واسمه عبد الله بن مسلم السهمي الهذلي، شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأمويَّة، وكان مواليًا لبني أميَّة متعصبًا لهم، وحبسه ابن الزُّبير (٧) - رضي الله [تعالى] (٨) عنهما - إلى أن قتل، وهو من قصيدة دالية أولها:

١ - عَرَفْتُ بن هنْدَ أطلالًا بِذِي التُّودِ … قَفْرًا وَجَاراتِها البِيضِ الرَّخاويد

٢ - وَحشًا سِوَى زَجَل القُمريّ كُلِّ ضُحَى … والمطفِلاتِ وَفُرَّاد مَوَاحِيدِ

٣ - وَغَيرَ أشعثٍ قَد بَلَّ الزَّمَانُ بِهِ … مُقَلَّدٍ في حَديدِ التقريب مَوتُودِ

٤ - يَرمِي بِدِق رَغَام الترب مصطبرًا … والجلِّ كُلَّ غَدَاة من حَصَا البيدٍ

٥ - وَصَفَّ أَحْدَبَ شقَّته وليدتُهَا … تُبَادِرُ السَّيلَ بالمسحَاة مَخْدُودِ


(١) الكتاب (٤/ ٣١٥) وما بعدها، قال سيبويه: "فممَّا يبين لك أن التاء فيه زائدة التنضب … وكذلك تاء أخت وبنت وثنتين وكلتا؛ لأنهن لحقن للتأنيث، وبنين بناء ما لا زيادة فيه من الثلاثة كما بنيت (سَنبَتة) بناء (جندلة) واشتقاقهم منها ما لا زيادة فيه دليل على الزيادة".
(٢) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٣) ينظر الكتاب لسيبويه (٣/ ٣٦٠)، وما بعدها، وشرح المفصل لابن يعيش (٦/ ٦)، وشرح الشافية للرضي (٢/ ٧٠، ٧١)، وتوضيح المقاصد (١/ ٨٨)، والممتع (١/ ٣٨٥).
(٤) ابن الناظم (١٦).
(٥) البيت من بحر البسيط المخبون، لأبي صخر عبد الله بن مسلم الهذلي، وهو في شرح أشعار الهذليين (٢/ ٩١٣).
(٦) شاعر مشهور من بني هذيل إسلامي، توفي سنة (٨٠ هـ)، انظر شرح أشعار الهذليين (٣/ ٩١٢ - ٩٧٦).
(٧) هو عبد الله بن الزُّبير بن العوام القرشي، أول مولود في المدينة بعد الهجرة، وبويع بالخلافة سنة (٦٤ هـ) وتوفي سنة (٧٣ هـ). الأعلام (٤/ ٨٧).
(٨) ما بين المعقوفين زيادة في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>