للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرب من أفعال المقاربة التي تستدعي الاسم والخبر (١).

الشاهد السادس والخمسون بعد المائتين (٢)، (٣)

فَإنَّك مُوشِكٌ أَنْ لا تراها … وتَعْدو دُونَ غَاضِرةَ العَوادِي

أقول: قائله هو كثير بن عبد الرَّحْمَن يتشبب بغاضرة وهو اسم جارية أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان أخت عمر بن عبد العزيز - رضي الله تعالى عنه -.

وهو من قصيدة دالية من الوافر.

وكان السبب في ذلك أن أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان استأذنت الوليد بن عبد الملك في الحج، وهو يومئذ خليفة وهي زوجته فأذن لها فقدمت مكة ومعها من الجواري ما لم ير مثله حسنًا، وكتب الوليد يتوعد الشعراء جميعًا أن يذكرها أو من معها أحد منهم، فبعثت أم البنين إلى كثير، وإلى وضاح اليمن أن انسبالي، فأما وضاح اليمن فإنَّه صرح بها فقتله الوليد، وأما كثير فإنَّه أعرض عنها، وشبب بجاريتها غاضرة -بالغين والضاد المعجمتين، فقال (٤):

١ - شَجَا أَظْعانُ غَاضِرَةَ العَوَادِي … بغَيرِ مَشُورة عَرَضًا فُؤَادي

٢ - أَغَاضِرَ لَوْ شهِدَتِ غَداةَ بنْتُمْ … جُنُوءَ العَادياتِ عَلَى وسَادي

٣ - أَوَيْتِ لِعَاشِقِ لَم تَشْكمِيهِ … نَوافِذُهُ تَلذَّعُ كالزِّنَادِ

٤ - وقال النَاصِحُونَ تَحَل منها … ببَذْلٍ قَبْلَ شِيمَتَها الجمادي

٥ - فإنَّك مُوشِكٌ ........ … ............. إلى آخره

٦ - فَأَسْرَرْتُ النَّدامَةَ يوم نَادَىَ … برَدّ جِمَالِ غَاضِرَةَ المنُادي

٧ - تَمَادَى البُعْدُ دونَهُمُ فأمْسَتْ … دُمُوعُ العيِن لَجَّ بِهَا التَّمادِي


(١) لم يرد استعمال اسم الفاعل من أخوات كاد إلا كاد وأوشك، وفي هذا البيت استعمل اسم الفاعل من كرب وهذا قليل جدًّا وأوله الجوهري.
(٢) أوضح المسالك لابن هشام (١/ ٣٢١).
(٣) البيت من بحر الوافر، وهو لكثير عزة، من قصيدة يرثي بها صديقه خندقًا الأسدي، وانظرها في الديوان (٢٩٠) بشرح إحسان عباس، ومنها هذا البيت المشهور وهو آخرها وهو قوله:
لقد أسمعت لو ناديت حيًّا … ولكن لا حياة لمن تنادي
وينظر بيت الشاهد في الديوان بشرح مجيد طراد (٩٠)، والدرر (٢/ ١٣٨)، والتصريح (١/ ٢٠٨)، وشرح عمدة الحافظ (٨٢٣)، وتخليص الشواهد (٣٣٦)، والهمع (١/ ١٢٩).
(٤) الديوان (٨٩) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>