للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - قوله: "والمهر المفدا" بفتح الدال؛ من قولهم: فديت فلانًا إذا قيل له: جعلت فداك، وأراد به شكر المهر الذي يقال له عند جريه وسبقه: جعلت فداك، و "الغربال" بكسر الغين المعجمة؛ آلة مشهورة، و "الإهاب": الجلد، والمعنى: لولا عناية الله والفرس الذي تحتك لرحت وأنت مقطع الجلد مثقوب البشرة مثل الغربال.

الإعراب:

قوله: "فلولا الله" الفاء للعطف على ما قبله، وكلمة لولا لامتناع الثاني لوجود الأول؛ نحو: لولا زيد لهلك عمرو، فهلاك عمرو منتف لوجود زيد، ولفظة الله مبتدأ، و "المهر": عطف عليه، و "المفدا": صفته والخبر محذوف، والتقدير: لولا الله معين والمهر موجود لرحت، أي: لقتلت وأدركتك الأسنة فمزقت جلدك وجعلتك كالغربال، ودخلت اللام فيه؛ لأنه جواب لولا، ويروى: لأبت، أي: لرجعت، وقوله: "وأنت غربال الإهاب" أي: وأنت مثقب الجلد، قوله: "وأنت" مبتدأ، و: "غربال الإهاب": كلام إضافي خبره، والجملة في محل النصب على الحال.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "غربال الإهاب" فإنه جامد ولكنه في تأويل المشتق تقديره: وأنت مثقب الجلد كما ذكرنا، ولهذا نقول: فيه ضمير يعود إلى المبتدأ. ذكر هذا استئناسًا لوقوع الجامد حالًا على تأويله بالمشتق (١).

الشاهد الحادي والتسعون بعد الأربعمائة (٢) , (٣)

أَفِي السِّلْمِ أعْيَارًا جَفَاءً وغِلْظَةً … وفي الحرْبِ أمثال النساءِ العوَاركِ

أقول: قالته هند بنت عتبة بن أبي لهب، قالت ذلك حين انصرف الذين خرجوا إلى زينب بنت رسول الله ، وذلك حين تجهزت وخرجت من مكة إلى المدينة النبوية، وهم رجال من قريش منهم: هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، وذلك بعد وقعة بدر حين وقع أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس خَتَنُ رسول الله وزوج ابنته زينب


(١) ينظر مجيء الحال جامدة في شرح الأشموني (٢/ ١٧٠) وشرح التسهيل لابن مالك شرح ابن عقيل (٢/ ٣٢٤).
(٢) ابن الناظم (١٢٥).
(٣) البيت من بحر الطويل، لهند بنت عتبة بن أبي لهب، ذكر الشارح قصته، وهو في الكتاب لسيبويه (١/ ٣٤٤)، والمقتضب (٣/ ٢٦٥)، والمقرب (١/ ٢٥٨)، واللسان: "عور، عير"، والخزانة (٣/ ٢٦٣)، وشرح أبيات سيبويه (١/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>