للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن، فتأمل فإنه موضع الدقة، واللَّه أعلم (١).

الشاهد التاسع والعشرون بعد الأربعمائة (٢)، (٣)

فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ العقِيقُ وأَهْلُهُ … وهَيْهَاتَ خِلٌّ بالعَقِيقِ تُحَاولُهْ

أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وذكر ابن التياني في الموعب أنه لقيس مجنون بني عامر والأول هو الصحيح، وهو من قصيدة من الطويل، وقبله (٤):

١ - ولَمْ أَنْسَ يَوْمًا بالعقيقِ تَخَايَلَتْ … ضُحَاهُ وَطَابَتْ بالعَشِيِّ أَصَائِلُهْ

٢ - رُزِقْنَا بِهِ الصَّيْدَ العَزِيزَ ولَمْ نَكُنْ … كَمَنْ نَبْلُهُ مَحْرُومَةٌ وَحبَائِلُهْ

٣ - ثَوَانِي أَجْيَاد يُوَدِّعْنَ مَنْ صَحَى … وَمَنْ بَثُّهُ عَنْ حَاجَةِ اللَّهْو شَاغِلُهْ

قوله: "فهيهات" قال أبو علي: هيهات اسم للبعد (٥) معرفة؛ فلذلك لم تتصرف، ومن نوَّنها نكرها كما تنكر الأعلام الواقعة على الأشخاص، وفيه عشر لغات: بتثليث التاء، والثلاثة الأخرى: إيهات بالتثليث -أيضًا- والسابعة: إيها، والثامنة: إيهان، والتاسعة: إيهاةٍ، والعاشرة: إيهاة، ومن أبدل الهاء من الهمزة في الأربع الأخر فهي على أربع عشرة (٦).

و"العَقيقُ": موضع معروف بالحجاز، وإن كان البيت لقيس فهو العقيق الذي في المدينة وإليه متنزه أهل المدينة إذا سال بالماء، قوله: "خِلٌّ" بكسر الخاء المعجمة؛ أي: ودود صديق،


(١) إذا تنازع العاملان في معمول جاز إعمال أيهما شئت بالاتفاق بين البصريين والكوفيين؛ لأن إعمال كل منهما مسموع من العرب، ويعمل الآخر في ضميره ويمتنع حذفه إذا كان عمدة، ثم اختلفوا في أولوية العمل فقيل: هو الأول، وقيل: هو الثاني. وقيل: يتساويان، أما مذهب البصريين فقد اختاروا إعمال الثاني، وعللوا بقرب الحامل من المعمول وهو قول سيبويه؛ إذ يقول: "وإنما كان الذي يليه أولى لقرب جواره وأنه لا ينتقض معنى، وأن المخاطب قد عرف أن الأول قد وقع بزيد". الكتاب (١/ ٧٤)، وينظر (١/ ٧٦، ٧٧)، والبصريات (٢٨٧)، والتصريح (١/ ٣١٦)، وحاشية الصبان (٢/ ١٠٠)، والإنصاف (١/ ٨٥، ٨٦)، ومعاني القرآن للفراء (٢/ ١٦٠).
(٢) أوضح المسالك (٢/ ٢٣).
(٣) البيت من بحر الطويل، وقد اختلف في قائله على ما هو موجود في الشرح، وهو من قصيدة طويلة قاربت المائة بيت لجرير يجيب على الفرزدق في هجائه له، ويفتخر عليه، انظر ديوان جرير (٢/ ٩٦٣)، تحقيق د. نعمان طه، ط. دار المعارف، وديوانه (٤٧٩) ط. دار صعب، وانظر بيت الشاهد في الإيضاح (١٦٥)، والخصائص (٣/ ٤٢)، وابن يعيش: العيني (٣٥)، والهمع (٢/ ١١١)، والدرر (٢/ ١٤٥)، والتصريح (١/ ٣١٨)، (٢/ ١٩٩)، واللسان: "هيه".
(٤) ينظر الديوان لجرير (٤٧٩) تأليف محمد إسماعيل الصاوي ط. دار صعب، ورواية بيت الشاهد هكذا فيه:
فأيهات أيهات العقيق ومن به … وأيهات وصل بالعقيق تواصله
(٥) ينظر الإيضاح بشرح المقتصد (٥٧٤)، والمسائل العسكرية (١١٣) وما بعدها.
(٦) ينظر سبع عشرة لغة في "هيهات" وشواهدها في كتابنا: شرح المقرب، المنصوبات (٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>