حالية، قوله: "أدنى دارها" كلام إضافي مبتدأ، وقوله: "نظر عالي" خبره، وأراد أن القريب من دارها بعيد فكيف بها ودونها نظر عالي، [أي: مرتفع] (١).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أذرعات" حيث يجوز فيه الأوجه الثلاثة:
الأول: أن يعرب على اللغة الفصحى، فيكسر في الجر والنصب وينون، تقول: هذه أذرعاتٌ، ورأيت أذرعاتٍ، ودخلت في أذرعاتٍ، فيستوي جره ونصبه، ونحوه: عرفات؛ وذلك لأنَّه لما جمع بالألف والتاء ثم سمي به جعل اسمًا مفردًا، وأعرب بعد التّسمية بما كان يعرب به قبلها (٢).
والثاني: أنَّه يعرب ولكن يمنع منه التنوين فيجر وينصب بالكسرة (٣) تقول: هذه أذرعاتُ، ورأيت أذرعاتِ، ودخلت في أذرعاتِ (٤).
والثالث: أنَّه يمنع من الصرف فيجر وينصب بالفتحة ولا ينون (٥)، ومنع البصريون الثالث، وأجازه الكوفيون، وأنشدوا البيت المذكور بالفتح، أعني: من أذرعاتَ بفتح التاء، ويروى بالكسر من غير تنوين، وبه مع التنوين وهو المشهور.
الشاهد الخامس والثلاثون (٦)، (٧)
ما أنت باليَقْظَانِ نَاظِرُه إذا … نَسيِتَ بِما تَهْوَاهُ ذِكْرَ العَوَاقِبِ
أقول: لم أقف على اسم قائله.
(١) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٢) قال سيبويه: (وقال [الخليل] في رجل اسمه مسلمات أو ضرباب: هذا ضرباتٌ ومسلماتٌ وكذلك المرأة لو سميتها بهذا انصرفت، وذلك أن هذه التاء لما صارت في النصب والجر جرًّا أشبهت عندهم الياء التي في مسلمين والياء في رجُلين، وصار التنوين بمنزلة النون؛ ألا ترى إلى عرفات مصروفة في كتاب إليه ﷿ وهي معرفة، الدليل على ذلك قول العرب: هذه عرفات مباركًا فيها، ومثل ذلك: أذرعات. ثم ذكر البيت: الكتاب (٣/ ٢٣٣) وهذا الوجه هو المشهور.
(٣) في (أ): بالكسر.
(٤) أثار سيبويه إلى هذا الوجه بقوله: "ومن العرب من لا ينون أذرعات ويقول: هذه قريشيات، كما ترى شبهوها بهاء التأنيث". الكتاب (٣/ ٢٣٤).
(٥) قال ابن مالك: "ومنهم من يقول: رأيت عرفاتَ ومررت بعرفاتَ فيلحق لفظه بلفظ ما لا ينصرف". شرح التسهيل (١/ ٤٢)، وينظر ابن يعيش (١/ ٤٦).
(٦) توضيح المقاصد (١/ ١٠٦).
(٧) البيت من بحر الطَّويل، مجهول القائل، وهو في حاشية الصبان (١/ ٩٦).