للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد السادس والخمسون بعد الثمانمائة (١)، (٢)

أَغْلي السِّبَاءَ بِكُلّ أَدْكَنَ عَاتقٍ … أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتَامُهَا

أقول: قائله هو لبيد بن ربيعة العامري، وهو من قصيدة طويلة من الطويل، وأولها هو قوله (٣):

١ - عَفَتِ الدِّيَارُ مَحلهَا فَمُقَامُهَا … بمنًى تَأَبَّدَ غولُهَا فرِجَامُهَا

إلى أن قال:

٢ - قَدْ بِتُّ سَامرُهَا وَغَايَةُ تَاجِرٍ … عَاليت إِذْ رَفَعَتْ وعزَّ مُدَامُهَا

٣ - أَغلَى السِّبَاءَ ............. … ..................... إلى آخره

قوله: "عفت": دريست، من عفا يعفو عفوًا وعفاء، قوله: "محلها": حيث حلوا ونزلوا، و"المقام": حيث أقاموا، قوله: "بمنى" قال الأصمعي؛ منى: موضع ببلاد قيس قريب من طخفة في الشق الأيسر وأنت مصعد إلى مكة، وصرفه، لأنه ذكر، وكذلك منى الحرم مصروف، قوله: "تأبد" أي: توحش، و "الغول" بضم الغين المعجمة؛ مكان، وكذلك الرجام مكان وهو بكسر الراء وبالجيم، قوله: "وغاية تاجر" يقول: راية ينصبها التاجر صاحب الخمر ليشهر نفسه بها ويعرف.

قوله: "إذ رفعت" يعني الغاية، قوله: "عز مدامها" يعني: غلا الخمر، قوله: "أغلى السباء" أي: اشتري الخمر بالغلاء، والسباء بكسر السين المهملة؛ شراء الخمر؛ من سبأت الخمر سبأ وسباء ومسبأ إذا اشتريتها لتشربها، واستبأتها مثله، ولا يقال (٤) ذلك إلا في الخمر خاصة والاسم: السباء على وزن فعال بكسر الفاء، ويسمون الخمار: سبّاء بتشديد الباء، وأما إذا اشتريتها لتحملها إلى بلد آخر قلت: سبيت الخمر بلا همز، و"الأدكن": زق قد صلح وجاد في لونه ورائحته لعتقه، قوله: "عاتق" أي: عتيق.

قوله: "أو جونة" بفتح الجيم وسكون الواو وفتح النون، وهي الخابية المطلية بالقار، قوله:


(١) ابن الناظم (٢٠٤).
(٢) البيت من بحر الكامل، وهو من معلقة لبيد بن ربيعة العامري المشهورة التي تمتلئ بالغريب من الألفاظ، وهو يتحدث فيها عن الصحراء وما فيها من حيوانات أنيسة أو وحشية، وانظر بيت الشاهد في أسرار العربية (٣٠٣)، والخزانة (٣/ ١٠٥، ٣/ ١١)، وسر الصناعة (٢٦٣٢)، وابن يعيش (٨/ ٩٢)، واللسان: "قدح، وعتق"، ورصف المباني (٤١١).
(٣) ينظر ديوان لبيد بن ربيعة العامري (١٧٥) ط. دار صادر بيروت.
(٤) في (أ): يقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>