للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعلق به، وقوله: "إلا" للاستثناء وهو استثناء مفرغ، ويروى: إلا على حزبه الملاعين.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "إنْ هو" فإنّ "إنْ" هاهنا نافية بمعنى ليس، وعملت عملها وهو نادر، وذكر أنه لغة أهل العالية، وفيه شاهد على مسألة أخرى، وهي أن انتقاض النفي بعد الخبر لا يقدح في العمل (١).

الشاهد السابع والعشرون بعد المائتين (٢)، (٣)

وَكُنْ لِي شَفِيعًا يوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ … بِمُغْنٍ فَتِيلًا عن سَوَادِ بْنِ قَارِبِ

أقول: قائله هو سواد بن قارب الأسدي الدوسي، وقيل: السدوسي الصحابي -رضي الله تعالى عنه- وكان كاهنًا في الجاهلية وشاعرًا، وفد إلى النبي Object وأسلم، وكان رئيُّه قد أتاه ثلاث ليال في حال سِيِّئة ويضربه برجله ويقول له: قم يا سواد بن قارب واعقل إن كنت تعقل؛ إنه قد بعث نبي من لؤي بن غالب يدعو إلى اللَّه -تعالى-، وإلى عبادته فقصد النبيَّ Object ووقع في قلبه حُبّ الإسلام، فلما شاهده أنشده:

١ - أتاني رئِيِّي بعْدَ هَدْءٍ ورَقْدَةٍ … ولَمْ أَكُ فِيمَا قَدْ بلوت بكَاذِبِ

٢ - ثلاثُ ليَالٍ قوله كُلّ ليْلَةٍ … أتَاكَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بنِ غَالِبِ

٣ - فَشَمَّرْتُ عَنْ ذَيْلِي الإزَارَ ووَسَّطَتْ … بِيَ الذِّعْلِبُ الوَجْنَاءَ بينَ السَّبَاسِبِ

٤ - فأشهَدُ أنَّ الله لَا رَبَّ غيره … وأنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَائِبِ

٥ - وأنكَ أَدْنَى المُرْسَلِينَ وَسِيلةً … إلى الله يَا ابنَ الأكْرَمِينَ الأطَايِبِ

٦ - فَمُرْنَا بمَا يأتيِكَ يا خَيرَ مُرسَلٍ … وإن كان فيما جئت شيب الزوائب

٧ - وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ … بِمُغْنٍ فَتِيلًا عن سَوَادِ بْنِ قَارِبِ


(١) ذهب أكثر البصريين والفراء إلى أن (إنْ) النافية لا تعمل عمل ليس، ومذهب الكوفيين أنها تعمل بنفس شروط (لا) النافية، فإن اختل شرط أهملت، وإن انتقض النفي بعد الخبر تظل (إنْ) عاملة لوجود "إلا" بعد الخبر. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (١/ ٣٧٥، ٣٧٦)، ومعاني الحروف للرماني (٧٥).
(٢) ابن الناظم (٥٧)، توضيح المقاصد للمرادي (١/ ٣١٦)، أوضح المسالك لابن هشام (١/ ٢٩٤)، شرح ابن عقيل على الألفية (١/ ٣١٠).
(٣) البيت من بحر الطويل من قصيدة عدتها سبعة أبيات لسواد بن قارب الصحابي الجليل، أنشدها أمام رسول الله Object، وقد جاء يعلن إسلامه، انظر شرح أبيات المغني (٦/ ٢٧٣)، وانظر بيت الشاهد في الجنى الداني (٥٤)، والدرر (٢/ ١٢٦)، والتصريح (١/ ٢٠١)، وشرح عمدة الحافظ (٢١٥)، وشرح شواهد المغني للسيوطي (٨٣٥)، والمغني (٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>