للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا قد ثناه؟

قلتُ: لأنه أراد: خيريّ بني أسد بالتشديد ولكنه خففه للضرورة، وهو هاهنا صفة وليس للتفضيل فافهم.

قوله: "رباحًا": نصب على التمييز؛ أي: من حيث الربح والفائدة؛ كما تقول: فلان خير الناس عبادة، قوله: "إذا" للظرف، وكلمة ما زائدة، و "المرء": مبتدأ، و "أصبح ثاقلًا": خبره، "وثاقلًا" نصب لأنه خبر أصبح؛ لأنه بمعنى صار فيستدعي اسمًّا مرفوعًا وخبرًا منصوبًا، فاسمه هو الضمير المستتر فيه، وثاقلًا: خبره.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "حسبت" حيث جاء بمعنى علمت ونصب مفعولين كما ذكرناه (١).

الشاهد السابع والثلاثون بعد الثلاثمائة (٢)، (٣)

إِخَالُكَ إِنْ لَمْ تَغْضُضِ الطَّرْفَ ذَا هَوًى … يَسُومُكَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ مِنَ الوُجْدِ

أقول: هو من الطويل.

قوله: "إخالك" أي: أظنك، وهو بكسر الهمزة في استعمال الأكثرين، وتفتح الهمزة على القياس، وهو لغة بني أسد، وهو من: خال يخال خيلًا وخيلة ومخيلة وخيلولة وخيلانًا فهو خائل، والشيء مخيل كمبيع، والأمر منه: خَلْ -بفتح الخاء وتخفيف اللام؛ كذر ودع وهو بمعنى ظن، فإن رددت الفعل إلى نفسك قلت: خِلْتُ بكسر الخاء.

قوله: "إن لم تغضض الطرف": من غض البصر وهو أن لا يفتحه، والطرف -بفتح الطاء وسكون الراء: تحريك الجفون بالنظر، وأراد به هاهنا: إن لم تنم؛ يعني: إخالك (٤) "ذا هوى"، يعني: صاحب (٥) عشق ومحبة إن لم تنم ولم يأخذك النوم؛ لأن صاحب الهوى لا ينام والنوم عليه حرام (٦).


(١) ينظر الشاهد رقم (٣٣٥).
(٢) أوضح المسالك (٢/ ٤٥).
(٣) البيت من بحر الطويل، لقائل مجهول، يدعو فيه صاحبه أن يغض الإنسان طرفه ولا ينظر إلى محارم الناس، فإن لم يفعل كلفه ذكر كثيرًا، حيث يشقى بالحب والوجد في الدنيا، ثم العذاب في الآخرة، وبيت الشاهد في الدرر (٢/ ٢٤٨)، وشرح التصريح (١/ ٢٤٩)، وهمع الهوامع للسيوطي (١/ ١٥٠)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (٢٥١)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٨٠).
(٤) في (أ) أظنك.
(٥) في (أ) أي صاحب.
(٦) أبعد العيني في تفسير غض الطرف بالنوم وعدم الغض بعد النوم، والأمر أسهل من ذلك؛ فغض الطرف معناه: السلامة من الحب والوجد، وعدم غضه معناه: العذاب والوقوع في السهر والعشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>