للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشهورة التي أولها هو قوله:

أمنَ المنُونَ ورَيبُها تتوَجَّعُ … والدَّهرُ ليسَ بمعْتِبٍ مَنْ يجزع

ولم أجده في القصيدة المذكورة ولا في ديوانه، والحقُّ أنَّه ليس منها، ولكنه لما كان من بحرها وهو بحر الكامل وقريبًا منها ربما ظُن أنَّه منها.

وإذا لم يستطع التحري أسند العلم إلى صاحبه؛ ليكون على مسؤوليته، يقول في شاهد: قائله عويف القوافي، قاله الصغاني، أو قائله أبو زبيد الطَّائي، قاله اللخمي في شرح أبيات الجمل.

سادسًا: تصحيح أخطاء السابقين:

كان العيني لا يقبل كل كلام يُلقى إليه ممن سبقه، فقد يكون ما جاءه من غيره خطأ، وهكذا انظر إليه وهو يشرح هذا البيت (١):

وَرَدَّ جَازِرُهُم حرفًا مُصّرّمَةً … ولا كَريمَ مِنَ الولدان مَصْبُوحُ

يقول بعد أن أنشد البيت: "وفيه خطأ من وجهين:

أولهما: أن الزمخشري نسب البيت إلى حاتم الطَّائي؛ كما أن الجرمي نسبه إلى أبي ذؤيب.

ثم قال: والصَّواب أنَّه لرجل جاهلي من بني النبيت (٢) جمع هو وحاتم والنابغة الذبياني عند مأوية بنت غفزر خاطبين لها، فقامت حاتمًا عليهم وتزوجته، فقال هذا الرجل شعرًا، وأوله هو قوله (٣):

هذا سألتِ النبيتيَين ما حَسَبِي … عندَ الشتاء إذا ما هبتِ الريحُ

الخطأ الثاني: أن هذا البيت أنشده النحويون، من أول سيبويه وأبي علي الفارسي حتَّى ابن الناظم هكذا كما هو مكتوب في صدر الكلام".

قال العيني: "وهذا البيت ممَّا ركب فيه صدر بيت على عجز آخر" ثم سرد البيتين صحيحين هكذا:

٢ - وَرَدَّ جَازِرُهُم حرفًا مُصّرَمَةً … في الرأسِ منهَا وفيِ الأَصلاءِ تمليحُ

٣ - وقال رائدُهُم سيَّانَ ما لَهُمُ … مثلان مثلٌ لمن يرعى وتسريحُ

٤ - إذا اللقاحُ غدت مُلقًى أصِرَّتُهَا … ولا كَرِيمَ مِنَ الولْدَانِ مَصْبُوحُ


(١) الشاهد رقم (٣٢٤) من شواهد هذا الكتاب.
(٢) لم أر أحدًا نسبه إليه إلَّا العيني، ونص عليه في المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (١٧٥).
(٣) هامش الديوان (٦٣) تحقيق: حنا الحتي، والأغاني (١٧/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>