للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن رؤية النعمة أدعى إلى الشكر عليها؛ قال الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: ٥٨]، ولا شك أن الوفاء بالعهد من فضل الله -سبحانه- ورحمته بعبده، فالاغتباط به واجب أو مندوب لورود الأمر به.

الاستشهاد فيه:

على أن: "درى" بمعنى علم يقتضي مفعولين، وله استعمالان في الكلام:

أغلبهما: أن يتعدى بالباء؛ نحو: دريت بكذا، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ﴾ [يونس: ١٦]، وإنما تعدى إلى الضمير بسبب دخول همزة النقل عليه.

وأندرهما: أن يتعدى إلى اثنين بنفسه؛ كما في البيت المذكور (١).

الشاهد السابع والعشرون بعد الثلاثمائة (٢)، (٣)

تَعَلَّم شِفَاءَ النَّفْسِ قَهْرَ عَدُوِّهَا … فَبَالِغْ بِلُطْفٍ التَّحَيُّل والمَكْرِ

أقول: قائله هو زياد بن سيار بن عمرو بن جابر (٤)، وكان زياد هذا قد خرج هو والنابغة يريدان الغزو فرأى زياد جرادة، فقال: حرب ذات ألوان، فرجع ومضى النابغة، ولما رجع غانمًا قال (٥):

١ - يُلاحِظ طَيرَةً أبَدًا زِيَادٌ … لتُخْبِرَهُ ومَا فيهَا خَبيرُ

٢ - أقَامَ كأنَّ لُقْمَانَ بنَ عَادٍ … أشارَ لَهُ بِحِكْمَتِه مُشِيرُ


(١) قال ابن مالك: "ومن ذوات المفعولين درى بمعنى علم ثم ذكر البيت وقال: وأكثر ما تستعمل معداة بالباء؛ كقوله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ﴾ [يونس: ١٦] ويقال: درى الذئب الصيد إذا استخفى له ليفترسه فتتعدى إلى مفعول واحدٍ" شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٧٩).
(٢) ابن الناظم (٧٤)، وأوضح المسالك (٢/ ٣١)، وشرح ابن عقيل (٢/ ٣٢).
(٣) البيت من بحر الطويل نسب في مراجعه لزياد بن سيار، وانظره في الخزانة (٩/ ١٢٩)، والدرر (٢/ ٢٤٦)، وشرح التصريح (١/ ٢٤٧)، وشرح شواهد المغني (٩٢٣)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٨٠)، وشرح الكافية الشافية (٥٤٦)، والمغني (٥٩٤).
(٤) ما وجدته في الأعلام (٣/ ٤١): زبان بن سيار بن عمرو بن جابر الفزاري: شاعر جاهلي، من أهل المنافرات، عاش قبيل الإسلام وتزوج مليكة بنت خارجة المزنية، ومات وهي شابة، فتزوجها ابنه منظور، وأسلم هذا ففرق الإسلام بينهما، وزبان، من شعراء المفضليات والحماسة الصغرى، (ت ٦١٣ م)، ولم أجد زيادًا.
(٥) من الوافر للنابغة الذبياني، وليست في كثير من طبعات ديوانه، ط. دار صادر بيروت غير طبعة بتحقيق سيف الدين الكاتب (٤٩)، منشورات مكتبة الحياة بيروت، وينظر شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٧٩)، وشرح الكافية الشافية لابن مالك (٢/ ٥٤٦)، واللسان: "علم".

<<  <  ج: ص:  >  >>