للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد التاسع والتسعون بعد السبعمائة (١)، (٢)

إِنَّ الذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنا … بَيتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ

أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من قصيدة لامية من الكامل، وأولها هذا البيت، وبعده (٣):

٢ - بَيْتًا بَنَاهُ لَنَا الملَيكُ وَمَا بَنَى … مَلِكُ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ لا يُنْقَلُ

٣ - بَيْتًا زُرَارَةُ مُحْتبٍ بِفَنَائِهِ … وَمُجَاشِعٌ وَأَبُو الفَوَارِسِ نَهْشَلُ

٤ - يَلجُونَ بَيْتَ مُجَاشِعٍ فَإذَا احْتَبَوْا … بَرَزُوا كَأَنَّهُمْ الجِبَالُ المُثَّلُ

وهي تزيد على مائة بيت.

قوله: "سمك": من سمك الله السماء سمكًا، أي: رفعها، وسمك الشيء سموكًا: ارتفع، وسنام سامك؛ أي: عال، والمسموكات السموات، قوله: "بيتًا" أراد به الكعبة المشرفة، و"الدعائم": جمع دعامة وهي الأسطوانة.

الإعراب:

قوله: "إن": حرف من الحروف المشبهة بالفعل، و "الذي": اسمه، وقوله: "بنى لنا": خبره، وقوله: "سمك السماء": جملة صلة الموصول، و"بيتًا": مفعول "بنى"، قوله: "دعائمه": كلام إضافي مبتدأ، و "أعز": خبره، و "أطول": عطف عليه، والجملة صفة للبيت في محل النصب.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "أعز وأطول" فإنهما على أفعل التفضيل ولكن لم يقصد بهما تفضيل؛ فإنهما بمعنى: عزيزة وطويلة كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧] يعني: وهو هين عليه (٤).


(١) ابن الناظم (١٨٨)، وشرح ابن عقيل (٣/ ١٨٢).
(٢) البيت من بحر الكامل، وهو مطلع قصيدة للفرزدق في الفخر وهجاء جرير، وهي في ديوانه (١/ ١٥٥)، ط. دار صادر، وبيت الشاهد في الديوان (٤٨٩)، وشرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٦٠)، والخزانة (٦/ ٥٣٩، ٨/ ٢٤٢)، وابن يعيش (٦/ ٩٧، ٩٩)، واللسان: "كبر عزز".
(٣) الديوان (٤٨٩) و (٢/ ١٥٥) ط. دار صادر.
(٤) يأتي أفعل التفضيل عاريًا عن معنى التفضيل ويراد به ثبوت الوصف بدرن زيادة أو نقصان؛ كقول الله تعالى: ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ﴾ أي: عالم، وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ أي: هين، ومنه البيت المذكور. والشاهد سيأتي بعد قليل برقم (٨٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>