للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد الثالث عشر (١) , (٢)

١٣ / قه يَا لَيْتَ شِعْرِي منكم حنيفًا … أَشَاهِرُنَّ بَعْدَنَا السُّيُوفَا

أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج، وهو من الرجز المسدس.

قوله: "شعري" بمعنى: علمي من الشعور، قال ابن فارس: شعرت بالشيء إذا فطنت له (٣)، و "الحنيف" هو المسلم ها هنا، وله معان أخر: المختون والناسك، والمستقيم الطريقة، والمائل إلى الدين المستقيم، ويقال: فلان متحنف؛ أي: يتحرى أقوام بالطريق، وفلان يتحنف؛ أي: يذهب مذهب أبي حنيفة (٤) , قوله: "أشاهرن" من شهر سيفه: انتضاه فرفعه؛ يعني: أبرزه من غمده.

الإعراب:

قوله: "يا ليت" كلمة (يا) في مثل هذا الموضع تكون لمجرد التنبيه لدخولها على ما لا يصلح للنداء (٥)، وقد يقال: إنها على أصلها، والمنادى محذوف تقديره: يا قوم ليت شعري "أي: ليتني أشعر، فأشعر هو الخبر، وناب شعري الذي هو المصدر عن أشعر، ونابت الياء في شعري عن اسم ليت الذي في قولك: ليتني، وأشعر: من الأفعال المتعدية، وقد يعلق فيقال: ليت شعري أزيد قام أم محمد؟ ومعنى التعليق إبطال عمله في اللفظ وإعماله في الموضع" (٦)، فيكون موضع الاستفهام وما بعده نصبًا بالمصدر.

قوله: "حنيفًا" نصب على أنه مفعول المصدر المضاف إلى فاعله, قوله: "منكم" في محل النصب على أنها صفة لـ (حنيفًا)، والتقدير: ليتني أشعر حنيفًا كائنًا منكم.

قوله: "أشاهرن" اسم فاعل دخلت عليه همزة الاستفهام ونون التوكيد، وهو في معنى المستقبل؛ لأن تقدير الكلام: ليتني أشعر حنيفًا مسلمًا منكم يشهر بعدنا السيوف، و "بعدنا" كلام إضافي نصب على الظرف، و "السيوفا" نصب بقوله: أشاهرن.


(١) توضيح المقاصد (١/ ٤٣) وروايته: شعري عندكم، والبيت غير موجود في أوضح المسالك.
(٢) البيت من بحر الرجز لرؤبة بن العجاج في ديوانه المسمى: مجموع أشعار العرب (١٧٩) (ملحق الديوان).
(٣) مجمل اللغة، مادة: "شعر".
(٤) هو النعمان بن ثابت، التيمي بالولاء، الكوفي، أبو حنيفة، إمام الحنفية وأحد الأئمة الأربعة، له مؤلفات عديدة (ت ١٥٠ هـ). ينظر الأعلام (٨/ ٣٦).
(٥) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٣٩٠)، مغني اللبيب (٢/ ٣٧٤).
(٦) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٨٨)، أوضح المسالك (٦/ ٣١١) وما بعدها ..

<<  <  ج: ص:  >  >>