للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستشهاد فيه:

في قوله: "وأب" حيث عطفه على الضمير المستكن في: "لم يكن" من غير توكيد ولا فصل، وهو شاذ (١)، وفيه نظر؛ لأنه ليس بمضطر إلى رفع أب لأنه كان يمكنه أن يقول: "وأبًا" بالنصب على أنه مفعول معه، وكيف يكون شاذًّا، وقد ورد في صحيح البخاري مثل ذلك، وهو ما روي عن علي (٢) أنه قال: "كنت أسمع رسول الله يقول: "كنت وأبو بكر وعمر، وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر" (٣)، وروي عن عمر قال: "كنت وجار لي من الأنصار".

الشاهد الثالث والثمانون بعد الثمانمائة (٤)، (٥)

قُلْتُ إِذْ أَقْبَلَتْ وَزُهْرٌ تَهَادَى … كَنِعَاجِ الملَا تَعَسَّفْنَ رَمْلًا

أقول: قائله هو عمر بن أبي ربيعة (٦)، وهو من الخفيف.

قوله: "زهر" بضم الزاي وسكون الهاء؛ جمع زهراء، قوله: "تهادى" أصله: تتهادى فحذفت إحدى التائين؛ كما في قوله تعالى: ﴿نارًا تَلَظَّى﴾ [الليل: ١٤] أصله: تتلظى، ومعناه: تتبختر، و "الملا" بفتح الميم، الصحراء، و "النعاج": جمع نعجة، وأراد بها نعاج الرمل وهي البقر، قوله: "تعسفن" أي: ملن عن الطرق وأخذن في غيرها.

وحاصل المعنى: قلت إذ أقبلت الحبيبة مع نسوة يتبخترن كنعاج الصحراء حين ملن عن الطريق وأخذن في الرمل.


(١) إذا قصد العطف على ضمير الرفع المتصل لم يحسن إلا بعد توكيده بضمير منفصل كقوله تعالى: ﴿قَال لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾ [الأنياء: ٥٤] أو فصل يقوم مقام التوكيد كقوله تعالى: ﴿يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ﴾ [الرعد: ٢٣] وقد يرد العطف على الضمير المذكور بغير توكيد ولا فصل وهو ضعيف كهذا البيت، ومع كثرته في الشعر فهو شاذ. ينظر ابن يعيش (٣/ ٧٦)، وتوضيح المقاصد (٣/ ٢٢٧، ٢٢٨)، وشرح الأشموني (٣/ ١١٣، ١١٤).
(٢) في (ب): كرم الله وجهه.
(٣) انظر نصه في صحيح البخاري (٥/ ١٢) ط. محمد علي صبيح.
(٤) ابن الناظم (٢١٢)، وتوضيح المقاصد (٣/ ٢٢٩)، وشرح ابن عقيل (٣/ ٢٣٨).
(٥) البيت من بحر الخفيف لعمر بن أبي ربيعة في الغزل من مقطوعة عدتها بيتان هذا أولهما، وانظرهما في ديوان عمر بن أبي ربيعة (٣٤) ط. دار صادر، وانظر الشاهد في الكتاب لسيبويه (٢/ ٣٧٩)، وابن يعيش (٣/ ٧٦)، واللمع (١٨٤)، والإنصاف (٧٩)، والخصائص (٢/ ٣٨٦).
(٦) الديوان (٣٢٠)، طبعة دار الكتب العلمية (١٩٨٦ م).

<<  <  ج: ص:  >  >>