للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتعليل؛ أي: فلأجل ذلك لم أتخذ، قوله: "مَؤئِلَا": مفعول لم أتخذ، وقوله: "إلا فِنَاءَكَ": استثناء مقدم منصوب لأنه عن غير موجب.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "مُغِيْثًا مُغْنِيًا مَنْ أَجَرْتَهُ" فإن قوله: "مُغِيثًا مُغْنيًا": اسمان وقد تنازعا في قوله: "مَنْ أَجَرْتَهُ" لأن كلًّا منهما يستدعي أن يعمل فيه (١).

الشاهد الثامن والعشرون بعد الأربعمائة (٢)، (٣)

قضَى كُلُّ ذِي دَينٍ فَوَفَّى غَرِيمَهُ … وَعَزَّةُ مَمْطُول مُعَنًّى غَرِيمُهَا

أقول: قائله هو كثير بن عبد الرحمن، وهو من قصيدة من الطويل، وبعد البيت المذكور (٤):

٢ - إذا سُمْتُ نَفْسِي هَجْرَهَا واجْتِنَابَهَا … رَأَتْ غَمَرَاتِ المَوْتِ فِيمَا أَسُومُهَا

٣ - فَهَلْ تَجْزِيَنِّي عَزَّةُ القَرْضَ بِالهَوَى … ثَوَابًا لِنَفْسٍ قدْ أُصِيبَ صَمِيمُهَا

٤ - وَقدْ عَلِمَتْ بِالغَيْبِ أَنْ لَنْ أَوَدَّهَا … إذَا هيَ لَمْ يَكْرُمْ عَلَيَّ كَرِيمُهَا

وكان السبب في هذا أن كثيرًا كان له غلام عطَّار بالمدينة، وربما باع نساء العرب بالنسيئة فأعْطَى عزةَ -وهو لا يعرفها- شيئًا من العطر فمَطَلتْه أيامًا، وحضرت إلى حانوته في نسوة وطالبها، فقالت له حبًّا وكرامة: ما أقرب الوفاء وأسرعه، فأنشد متمثلًا:

قضَى كُلُّ ذِي دَينٍ فَوَفَّى غَرِيمَهُ … ..................... إلخ

فقالت النسوة: أتدري من غريمتك؟، فقال: لا والله، فقلن: هي واللَّه عزة، فقال: أشهدكن الله أنها في حِلٍّ مما لي في قِبَلَها، ثم مضى إلى سيده فأخبره بذلك، فقال كُثَيّرُ: وأنا أُشهد اللَّه


(١) ينظر الأشموني بحاشية الصبان (٢/ ٩٩، ١٠٠)، وقد ذكر أن العاملين في التنازع إما: فعلان متصرفان، أو اسمان يشبهان الفعلين "بيت الشاهد" أو اسم وفعل، فمثال الأول: ﴿آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ [الكهف: ٩٦]، ومثال الثالث: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ١٩].
(٢) توضيح المقاصد (٢/ ٦٣)، أوضح المسالك (٢/ ٢٥).
(٣) البيت من بحر الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه (٢٠٧) ضمن سلسلة شعراؤنا، تقديم وشرح: مجيد طراد، وينظر بيت الشاهد في البصريات (١/ ٥٢٤)، والإنصاف (٢٩٠)، والتصريح (١/ ٣١٨)، والأشموني وشواهده للعيني (٢/ ١٠١)، والخزانة (٥/ ٢٢٣)، والدرر (٥/ ٣٢٦)، وابن يعيش (١/ ٨)، والمغني (٤١٧).
(٤) ينظر الديوان (٢٠٧) والأبيات فيه متفرقة في ثنايا القصيدة، ط. دار الكتاب العربي، شرح: مجيد طراد، أولى (١٩٩٣ م)، والقصيدة أيضًا في الديوان (١٤٣)، تحقيق د. إحسان عباس "دار الثفافة، بيروت" وقبل بيت الشاهد قوله:
وَلِي مِنْك أَيَّامٌ إِذَا شَحطَ النَّوَى … طِوَالٌ وَلَيْلَاتٌ نُزُولٌ نُجُومُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>