للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما سيأتي - إن شاء الله - وأندر من ذلك دخولها في اسم الفاعل، كما في البيت المذكور، وإنما سوغها شبه الوصف بالفعل (١).

وقال ابن جني (٢): دل هذا على أن نون التوكيد ليست من خواص الفعل لدخولها على اسم الفاعل (٣) وفيه نظر؛ لأن دخولها على اسم الفاعل لا يلتفت إليه لندورته وقلته، لا سيما الشاعر فإنه مضطر، ويرتكب أمورًا متعسفة فلا يبنى عليه حكم.

الشاهد الثاني عشر (٤)

١٢ / ق دَامَنَّ سَعْدُكِ لَوْ (٥) رَحِمْتِ مُتَيَّمًا … ............................

أقول: لم أقف على اسم قائله، وتمامه:

.............................. … لولاكِ لَمْ يَكُ للصَّبَابَةِ جَانِحًا

وهو من الكامل وفيه الإضمار.

وقوله: "دامن" أصله دام من الدوام، ودخله نون التوكيد على وجه الشذوذ (٦)، و"سعدك" خطاب لمحبوبته، و"المتيم" من تيمه الحب إذا عبده بالتشديد، و "الصبابة": المحبة والعشق، يقال: رجل صب إذا غلبه الهوى، و "الجانح" من جنح إذا مال، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ [الأنفال: ٦١] أي: وإن مالوا.


= ينظر شرح التسهيل لابن مالك (١/ ١٤)، والتصريح (١/ ٤١)، والدرر (٢/ ٩٩)، وهو الشاهد الآتي برقم (١٢) من هذا التحقيق.
(١) قال ابن مالك: "ونون التوكيد علامة للفعل وتلحق منه المضارع والأمر … وقد تلحق الفعل الماضي وضعًا المستقبل معنى .... وقيد نون التوكيد بالشائع احترازًا من شذوذ لحاقها اسم الفاعل في قول الراجز: (البيت) ". شرح التسهيل لابن مالك (١/ ١٤)، وتوضيح المقاصد (٤/ ٩٠، ٩١)، وتسويغ دخول نون التوكيد على اسم الفاعل تشبيهًا له بالفعل المضارع، هو ما قال به ابن جني في الخصائص (١/ ١٣٦)، وسر الصناعة (٢/ ٤٤٧)، وينظر الخزانة (٤/ ٥٧٤).
(٢) هو أبو الفتح عثمان بن جني، صنف الخصائص وشرح تصريف المازني واللمع والمحتسب وغير ذلك (ت ٣٩٢ هـ) بغية الوعاة (٢/ ١٣٢).
(٣) قال ابن جني بعد أتم ذكر البيت: "فألحق نون التوكيد اسم الفاعل تشبيهًا له بالمضارع، فهذا إذًا استحسان لا عن قوة علة ولا عن استمرار عادة". الخصائص (١/ ١٣٦).
(٤) توضيح المقاصد (١/ ٤٢).
(٥) في شرح التسهيل لابن مالك: إنْ رَحِمْتِ، ويراجع التصريح (١/ ٤١) والدرر (٢/ ٩٩).
(٦) في شرح التسهيل لابن مالك: "وقد تلحق الفعل الماضي وضعًا المستقبل معنى؛ نحو قوله: "فإما أدركن واحد منكم الدجال" فلحقت أدرك، وإن كان بلفظ الماضي؛ لأن دخول (إما) عليه جعله مستقبلًا معنى، ثم ذكر البيت وقال: فلحقت دام؛ لأنه دعاء، والدعاء لا يكون إلا بمعنى الاستقبال" ينظر (١/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>