للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قوله: "وأعف"، وقوله: "ما يعنيني": جملة وقعت مقولًا للقول.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "يسبني" فإنها جملة وقعت صفة مع أنه معرف بالألف واللام، وقد ثبت أن النكرات لا تقع صفة للمعارف، ولكن لما كانت للئيم الألف واللام فيه للجنس قربت مسافته من التنكير فجاز نعته حينئذ بالنكرة، وذلك كما في قوله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾ [يس: ٣٧]، فإن قوله: "نسلخ" صفة لليل لكون الألف واللام فيه للجنس، ومع هذا لا يتعين أن يكون قوله: "يسبني" صفة لأنه يجوز أن تكون حالا، وكذلك قوله: "نسلخ" يجوز أن يكون حالا من المفعول. فافهم (١).

الشاهد الثاني عشر بعد الثمانمائة (٢)، (٣)

فمَا أَدْرِي أَغَيرَهُم تَنَاءٍ … وَطُولُ العَهْدِ أَم مَال أَصَابُوا

أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، وهو من قصيدة من الوافر، وأولها هو قوله (٤):

١ - ألا أبلِغْ مُعَاتِبَتِي وَقُولي … بَنِي عَمِّي فَقَدْ حَسُنَ العِتَابُ

٢ - وَسَلْ هَلْ كَانَ لِي ذَنْبٌ إِلَيهِم … هُمُ مِنْهُ فأَعْتَبَهُم غِضَابُ

٣ - كَتَبتُ إِلَيهِم كُتُبًا مِرَارًا … فَلَم يَرجِعْ إِليَّ لَهُم جَوَابُ

٤ - فَمَنْ يَكُ لَا يَدُومُ لَهُ وَفَاءٌ … وَفِيهِ حِينَ يَغْتَرِبُ انْقِلَابُ

٥ - فَعَهْدِي دَائِمٌ لَهُم وَوُدِّي … عَلَى حَالٍ إِذَا شَهِدُوا وَغَابُوا

ورأيت في نوادر أبي علي القالي (٥): حدث الأصمعي قال: خرج أعرابي إلى الشام فكتب إلى بني عمه فلم يجيبوه فكتب إليهم:


(١) يوافق النعت منعوته إذا كان حقيقيًّا في الإعراب والعدد والنوع والتعريف والتنكير، ويستثنى من المعارف المعرف بلام الجنس، فإنه يجوز نعته بالنكرة المخصوصة كما في قوله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾ [يس: ٣٧]، ومنه البيت المذكور. ينظر توضيح المقاصد (٣/ ١٣٣، ١٣٤)، وشرح الأشموني (٣/ ٦٠).
(٢) ابن الناظم (١٩٣)، وشرح ابن عقيل (٣/ ١٩٧)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(٣) البيت من بحر الوافر، من مقطوعة نسبت لجرير وللحارث بن كلدة، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (١/ ٣٦٥)، والأزهية (١٣٧)، و (١/ ١٣٠)، وابن يعيش (٨٩١٦).
(٤) ديوان جرير (١٠٢٠)، والأمالي (٢/ ١٣٤)، والحماسة البصرية (٢/ ٦٦).
(٥) انظر الأمالي لأبي علي القالي (٢/ ١٣٤)، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>