للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستشهاد فيه:

في قوله: "في كلت" استدل به البغداديون أن "كلت" تجيء للواحدة، وكلتا للمثناة (١)، ويقال: أراد الشاعر في كلتا رجليها، فحذف الألف في "كلتا" كما قال الشاعر (٢):

دَرَسَ المَنَا بمُتَالِعَ فَأبَان … .................. (٣)

أراد المنازل فحذف بعض الكلمة وهو شاذ نادر، و "متالع وَأبان" جبلان، وتحقيق هذا الموضوع أن "كلا" في تأكيد الاثنين نظير "كل" في المجموع، وأنه اسم مفرد غير مثنى.

وقال الفراء: هو اسم مثنى مأخوذ من "كل" فخففت اللام وزيدت الألف للتثنية، وكذلك كلتا للمؤنث، ولا يكونان إلَّا مضافين، ولا يتكلم منهما بواحد، ولو تكلم به لقيل: كل، وكلت، وكلان، وكلتان، واحتج الفراء بالبيت المذكور أنها تجيء للواحد.

وهذا القول ضعيف عند البصريين؛ لأنَّه لو كان مثنى لوجب أن ينقلب ألفه في النصب والجر ياءً مع الاسم الظاهر، ولأن معنى كلا [مخالف لمعنى كل؛ لأنَّ كلا] (٤) للإحاطة، وكذا يدل على شيء مخصوص.

وأمَّا البيت فإن شاعرهُ قد حذف الألف للضرورة، وقدر أنها زائدة، فلا يجوز الاحتجاج به، فثبت أن "كلا" اسم مفرد كمعًى، إلَّا أنَّه وضع ليدل على التثنية؛ كما أن قولهم: "نحن" اسم مفرد يدل على الاثنين فما فوقهما (٥).


(١) قال المرادي: "وزعم البغداديون أن (كلتا) قد نطق لها بمفرد في قول الراجز .. ثم ذكر البيت". توضيح المقاصد (١/ ٨٧).
(٢) نهاية السطر من النسخة (أ) من الشاهد رقم (١٠) إلى هنا.
(٣) شطر من الكامل للبيد، ديوانه، وينظر اللسان: "تلع" وتمامه:
...................... … بالحِبس بَينَ البيدِ والسُّوبان
اللغة: دَرَس: عفى، المنا: يقصد به المنازل، متالع: جبل بناحية البحرين من السَودةِ والإحْسَاءِ، وفي سفحه عين ماء تسمى متالع.
والبيت إنما أورده للاستشهاد على جواز حذف الألف من (كلتا) كما ورد حذف بعض الكلمة من كلمة (المنازل) فقال: (المنا) وهو حذف قبيح على حد قول ابن منظور.
(٤) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٥) ينظر الإنصاف (٤٣٩) وما بعدها، وابن يعيش (٦/ ٦)، قال الأنباري: (ذهب الكوفيون إلى أن كلا وكلتا فيهما تثنية لفظية ومعنوية، وأصل كلا (كل) فخففت اللام وزيدت الألف للتثنية، وزيدت التاء في كلتا للتأنيث، والألف فيها كالألف في الزيدان، ولزم حذف نون المكانية منهما للزومهما الإضافية، وذهب البصريون إلى أن فيها إفرادًا لفظيًّا وتثنية معنوية، والألف فيهما كالألف في ..... ". الإنصاف (٤٣٩) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>