للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لما رأيت شدة اهتمام محصلي النحو في الدارك وغاية ألفتهم بكتاب ألفية ابن مالك (١)؛ لكونه موصلًا إلى مقاصدهم بأوضح المسالك، غير مستغنين عن شرحه المنسوب إلى ابن الناظم (٢)، وشرحه الذي ألفه ابن أم قاسم (٣)، وشرحه الذي رتبه ابن هشام (٤)، وشرحه الذي أملاه ابن عقيل (٥)؛ أردت أن أستخرج الأبيات الذي ذُكِرَتْ فيها على سبيل الاستشهاد في الأبواب، وأُبَيِّنَ ما فيها من اللغات والمعاني والإعراب، وأزيل ما فيها من المبهمات التي تتصحف على الطلاب، وأكشف الألفاظ التي تشتبه عليهم في هذا الباب، متعرضًا إلى بيان ما فيها من الأبحُر والأوزان، وإلى ذكر بقية كل بيت بحسب الطاقة والإمكان، وإلى إيضاح قائله عند الظفر والوجدان.

وذلك لأني رأيت الشراح قد أهملوا هذه الأمور، واكتفوا بذكو ما فيها من الشاهد المشهور، بحيث قد آل بعضها إلى حالة قد استحق بها الهجران، وصار بعضها في بعض الأذهان كالسُّها والدَّبُران (٦)، فهذا هو الذي نَدَبَنِي إلى هذا الترتيب الغريب والجمع الموشح بكل عجيب، مع ما سألني في ذلك مَن لا تسعني مخالفته، ولا توافقني مرادفته، واعتصمت في ذلك بربي الكريم، إنه الميسر لكل صعب عظيم".

والحديث عن هذا الكتاب سيأتي في طول الفصول القادمة التي تختتم بالفصل الثامن عن مخطوطاته ومطبوعاته.


(١) محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني ألَّف تسهيل الفوائد وشرحه والكافية الشافية وشرحها ولامية الأفعال وغير ذلك (ت ٦٧٢ هـ). الأعلام (٦/ ٢٣٣).
(٢) محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك الطائي أبو عبد اللَّه بدر الدين، نحوي له: شرح الألفية يعرف بشرح ابن الناظم، ولامية الأفعال، وشرح غريب تصريف ابن الحاجب (ت ٦٨٦ هـ). الأعلام (٧/ ٣١).
(٣) هو بدر الدين الحسن بن قاسم بن عبد الله بن علي المرادي المصري النحوي اللغوي الفقيه، له: شرح التسهيل وشرح المفصل وشرح الألفية والجني الداني في حروف المعاني وغيرها (ت ٧٤٩ هـ). الأعلام (٢/ ٢١١)، وشذرات الذهب (٦/ ١٦٠، ١٦١).
(٤) هو عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام، صنَّف: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، وأوضح المسالك، والجامع الكبير، وشذور الذهب وغيرها (ت ٧٦١ هـ). الأعلام (٤/ ١٤٧).
(٥) عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد القرشي الهاشمي بهاء الدين بن عقيل، له: شرح ألفية ابن مالك في النحو، والمساعد في شرح التسهيل، وغيرهما، (ت ٧٦٩ هـ). الأعلام (٤/ ٩٦).
(٦) السُّها: كُوَيْكِبٌ صغير خفي الضوء في بنات نعش الكبرى والناس يمتحنون به أبصارهم، يقال: إنه يسمى أسلم مع الكوكب الأوسط من بنات نعش، وفي المثل: أريها السُّها وتُريني القمر. اللسان مادة (سُها).
والدبران: نجم بين الثريا والجوزاء ويقال له: التابع والتويبع وهو من منازل القمر، سمى دبرانًا؛ لأنه يدبر الثريا، أي يتبعها.
اللسان مادة (دبر).

<<  <  ج: ص:  >  >>