اسم موضع مرتفع في جبل طيئ، و"القواعل" بالقاف والعين المهملة؛ جبل دون تنوفى، وقال ابن الكلبي: القواعل: جبل سلمى بموضع يقال له: القواعل، وبه تحالفت طيئٍ وأسد، ويقال -أيضًا-: أخبث العقبان ما أوى في الجبال المشرفة وهذا مثل، فأراد: كأن دثارًا ذهبت بلبونه داهية أي آفة، وأراد أنه أغير عليه من قبل تنوفى.
الإعراب:
قوله:"كأن" للتشبيه، و "دثارًا": اسمه، وقوله:"حلقت": فعل، وقوله:"عقاب تنوفى": كلام إضافي فاعله، وقوله:"بلبونه" في محل النصب مفعوله، وقوله:"لا عقاب القواعل": عطف على العقاب الأول، ومراده: كأن عقابًا من عقبان تنوفى ذهبت بهذه الإبل لا عقبان هذه الأجبل الصغار، وإنما يصف أن هذه الإبل لا يستطاع ردها، ولا يُطمع فيها كما لا يُطمع فيما نالته هذه العقاب.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"لا عقاب القواعل" فإنه معطوف على معمول فعل ماض، وهو العقاب الأول، وفيه رد على أبي القاسم الزجاجي في منعه أن يعطف بلا بعد الفعل الماضي (١).
(١) "تأتي"لا" عاطفة بشرط أن يتقدمها إثبات، وألا تقترن بعاطف، وأن يتعاند متعاطفاها ولا يمتنع العطف بها على معمول الفعل الماضي؛ كما في البيت الشاهد، وخالف الزجاجي ومنع ذلك حيث يقول: إنما تنفي بها في المستقبل لا في الماضي، وذلك أن الماضي يوجب وجود الفعل لأنه قد كان ولا ينفي وجوده، ولا يكون النفي مع الوجود في الحال". حروف المعاني (٣١)، والمغني (٢٤٢)، والجنى الداني (٢٩٥) وقال ابن عصفور: "ومنهم من منع ذلك، وإليه ذهب أبو القاسم الزجاجي في معاني الحروف، واستدل على ذلك كأن "لا" لا ينفى بها الماضي، وإذا عطفت بها بعده كانت نافية له في المعنى، فلذلك لم يجز العطف بها بعد الماضي؛ لأنك إذا قلت: قام زيد لا عمرو، فكأنك قلت: لا قام عمرو، ولا قام عمرو لا يجوز فكذلك ما في معناه." شرح جمل الزجاجي "الكبير" لابن عصفور (١/ ٢٤٠). وقد رد النحويون على الزجاجي بورود العطف على معمول الفعل الماضي في الشعر وممن ردوا عليه ابن عصفور وابن هشام وغيرهما. يقول ابن عصفور: "والذي يدل على فساد مذهبه … ومما ورد من العطف بها بعد الماضي قوله: (البيت) فعطف بلا بعد حلقت وهو ماضي". شرح جمل الزجاجي "الكبير" لابن عصفور (١/ ٢٤٠). وقال ابن هشام: (ولا يمتنع العطف بها على معمول الفعل الماضي خلافا للزجاجي … وما منحه مسموع فمنعه مدفوع؛ قال امرؤ القيس: (البيت) دثارًا: اسم راع، وحلقت: ذهبت، واللبون: نوق ذوات لبن، وتنوفى: لبن عال، والقواعل: جبال صغار، وقوله: إن العامل مقدر بعد العاطف ولا يقال: لا قام عمرو، إلا على الدعاء مردود بأنه لو توقف صحة العطف على صحة تقدير العامل بعد العاطف لامتنع: ليس زيد قائمًا ولا قاعدًا". مغني اللبيب لابن هشام (٢٤٢٠)، تحقيق: محمد محيي الدين.