للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب:

قوله: "لمياء" بالرفع خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي لمياء، قوله: "حوة": مبتدأ، و"في شفتيها": مقدمًا خبره، قوله: "لعس": بدل من حوة؛ بدل غلط، وذلك لأن الحوة السواد واللعس سواد تشوبه حمرة، قوله: "شنب": مبتدأ، و"في اللثات": خبره، و"في أنيابها": عطف عليه.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "لعس" فإنه بدل غلط من قوله: "حوة" كما ذكرنا، وهذا حجة على المبرد حيث يدعي أن لا يوجد في كلام العرب بدل الغلط لا في النثر ولا في النظم، وإنما يقع في لفظ الغلاط (١).

وأجاب بعضهم عن هذا بأن قوله: "لعس" مصدر وصفت به الحوة تقديره: "حوة لعساء" كما يقال: له حكم عدل، وقول فصل؛ أي: عادل وفاصل، ويقال: إن في البيت تقديمًا وتأخيرًا، التقدير: لمياء في شفتيها حوة، وفي اللثات لعس، وفي أنيابها شنب فافهم (٢).


(١) وقال المبرد: "وللبدل موضع آخر وهو الذي يقال له بدل الغلط، وذلك قولك: مررت برجل حمار، أراد أن يقول: مررت بحمار، فإما أن يكون غلط في قوله: مررت برجل، فتدارك فوضع الذي جاء به وهو يريده في موضعه، أو يكون كأنه نسي فذكر، فهذا البدل لا يكون مثله في قرآن ولا شعر، ولكن إذا وقع مثله في الكلام غلطًا أو نسيانًا فهكذا إعرابه". المقتضب (١/ ٢٨).
وقال أيضًا: المقتضب (٤/ ٢٩٧) "ووجه رابع لا يكون مثله في قرآن ولا شعر ولا كلام مستقيم، وإنما يأتي في لفظ الناسي أو الغالط، وذلك قولك: رأيت زيدًا داره، وكلمت زيدًا عمرًا، ومررت برجل حمار, أراد أن يقول: مررت بحمار فنسي ثم ذكر، فنحى الرجل، وأوصل المرور إلى ما قصد إليه، أو غلط ثم استدرك"، ينظر شرح الرضي على الكافية (٢/ ٣٨٦).
(٢) أجاز ابن السيد مجيء بدل الغلط سماعًا وقياسًا، فالسماع أورد فيه بيت ذي الرمة، وقد رد عليه النحويون، يقول السيوطي: "وقد عنيت بطلب ذلك في الكلام والشعر فلم أجده، وطلبت غيري به فلم يعرفه، وادعى أبو محمد بن السيد أنه وجده في قول ذي الرمة: (البيت) قال: فلعس: بدل غلط؛ لأن الحوة: السواد بعينه، واللعس: سواد مشرب بحمرة، ورد بأنه من باب التقديم والتأخير وتقديره: في شفتيها حوة وفي اللثات لعس، وفي أنيابها شنب". همع الهوامع (٢/ ١٢، ١٢٦) وقال ابن عصفور: "ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون اللعس صفة للحوة كأنه قال: حوة لعساء أي: حوة مشوبة بحمرة، كما قالوا: رجل عدل يريدون: عادل فيكون من باب الوصف بالمصدر". شرح جمل الزجاجي "الكبير" (١/ ٢٨٣)، وقال أيضًا: "فأما قوله: (البيت) فيتخرج على أن يكون لعس مصدرًا وصف به حوة على حد قولهم: رجل عدل، أي: حوة لعساء، والحوة: السواد الخالص، واللعس: سواد تشوبه حمرة". المقرب (١/ ٢٤٤)، وينظر حاشية الصبان (٣/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>